الباب الثاني إثبات التأويل عند السلف السبب في عقد هذا الباب أنه قد نشرت كتب كثيرة في زماننا هذا من قبل من يميل إلى التشبيه والتجسيم ومن على شاكلتهم من " تجار الكتب " الذين لا هم لهم إلا تحقيق الربح المادي وإرضاء من تنفق بضاعتهم في بلادهم، فاستمرأوا طبع بعض الكتب التي تبحث في موضوع العقائد والتوحيد، والتي نص مؤلفوها وهم من الخلف على الأخذ بظواهر النصوص المتعلقة في التوحيد والصفات مما هي في الحقيقة إضافات لا يراد منها إثبات صفات كما سيمر في صلب كتابنا هذا، كما نصوا على عدم القول بالتأويل وأنه من شعار الجهمية والمعطلة بزعمهم، وقد راج هذا الأمر على كثير من طلبة العلم الذين لم يدركوا حقيقة الأمر بعد، بل تعدى ذلك إلى نسبة كبيرة من المدرسين في كليات الشريعة والمعاهد الشرعية فظنوا أن ما يقوله بعض المشبهة من أن التأويل ضلال وبدعة وتعطيل وتجهم وأنه لم يكن عند السلف حقا، وليس الأمر كذلك على الحقيقة، بل من قرأ ودرس وفتش وبحث وطالع ونقب فإنه سيجد لا محالة أن العدول من الأئمة الثقات في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية المسماة عند بعض العلماء بقرون السلف قد أولوا كثيرا من النصوص المتعلقة بموضوع الصفات والتوحيد وبينوا أن الظاهر منها غير مراد، وحسبي في مثل هذا المقام أن أسرد بعض تأويلاتهم وأن أبين قبل ذلك أنهم تعلموا التأويل من كتاب الله تعالى وسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الصحيحة وإليك ذلك (1):
(٧)