دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ١٦٣
الحديث السابع روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
" إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض) (92). المعنى مقدار قبضته وليست على ما يتصور من قبضات المخلوقين فإن الحق منزه عن ذلك.
وإنما أضيفت القبضة إليه لأن أفعال المملوك تنسب إلى المالك، وذلك أنه بعث من قبض كقوله تعالى: (فطمسنا أعينهم) القمر: 37.
وقد روى محمد بن سعد (93) في كتاب الطبقات: إن الله تعالى بعث إبليس فأخذ من أديم الأرض فخلق منه آدم فمن ثم قال (أأسجد لمن خلقت طينا) الإسراء: 61.

(92) حديث صحيح رواه أحمد (4 / 400 و 406) وابن سعد (1 / 26) والترمذي (5 / 204) وقال: حسن صحيح. وأبو داود (4 / 222 برقم 4693) والحاكم (2 / 261) وصححه وأقره الذهبي هناك. والبيهقي (3 / 9) وأبو نعيم في الحلية (3 / 104) وغيرهم.
والظاهر أن لفظة " قبضة " التي فيه من تصرف الرواة حينما رووه بالمعنى بدليل أن رواية الحاكم (2 / 261) وغيره بلفظ:
" خلق الله آدم من أديم الأرض كلها فخرجت ذريته على حسب ذلك، منهم الأبيض والأسود، والأسمر والأحمر، ومنهم بين ذلك، ومنهم السهل والخبيث والطيب. ".
فتبين من هذا أن لفظة " قبضة " ونحوها يحتمل أنها من تصرف الرواة فلا يجوز بهذا إثبات صفة بهذه الإضافة، فلا تغفل عن هذا. ثم لا تغفل أيضا عن أننا لا نثبت لله عز وجل صفة بخبر الواحد لمثل هذا السبب الذي وضحناه هنا.
(93) رواه ابن سعد (1 / 26) مطولا من حديث عبد الله بن مسعود موقوفا عليه بسند حسن في غير العقائد.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست