دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ١٧٠
الحديث الحادي عشر روى البخاري ومسلم في الصحيحين (99) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول: هل من مزيد..؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتمتلئ ".
قلت: الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا تتبعض ولا يحويها مكان ولا توصف بالتغير ولا بالانتقال (100).
وقد حكى أبو عبيد الهروي عن الحسن البصري أنه قال: القدم:
هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها.

(٩٩) رواه البخاري في مواضع منها (الفتح ٨ / ٥٩٤) ومسلم (٤ / ٢١٨٨) وغيرهما.
وقد أورد هذا الحديث سيدنا الإمام أبو الفضل الغماري في كتابه: " الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة " وهو مصيب فيه جدا لأن الله عز وجل متنزه عن القدم وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى، وقد نص الإمام الغماري هنالك على أن " الحديث صحيح " لكن لفظ وضع القدم لا يجوز أن ينسب صفة لله تعالى.
(١٠٠) قلت: وهذه اللفظة " حتى يضع قدمه " الزائدة عما في القرآن الكريم فيها إثبات التبعيض، أي أن الله يضع بعض جسمه الذي تتخيله المجسمة وهو قدمه في النار حتى تسكت، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (ليس كمثله شئ) وفيها إثبات أن بعض أجزائه سبحانه تحل في خلقه إذ أن النار بعض خلقه.
وفيه أن الله أو بعضه ينتقل من مكان إلى مكان وهذا محال جدا، لأن المكان مخلوق لله تعالى، فهذه الأشياء مما يحكم بها على شذوذ ونكارة لفظة " حتى يضع فيها قدمه " الواردة في هذا الحديث الصحيح الأسناد.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست