دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ١٨٤
المنقول والمعقول.
قلت: ومن أثبت الأضراس صفة فما عنده من الإسلام خبر.
الحديث الخامس عشر روى القاضي أبو يعلى (المجسم): عن عبد الله بن عمرو موقوفا أنه قال: " خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر " (121).
قلت: وقد أثبت به القاضي أبو يعلى (المجسم) ذراعين وصدرا لله عز وجل.
قلت: وهذا قبيح، لأنه حديث ليس بمرفوع ولا يصح، وهل يجوز أن يخلق مخلوق من ذات الله القديم..؟ هذا أقبح مما ادعاه النصارى..!!!

(121) قلت: هذا الحديث مروي في كتاب " السنة " المنسوب لابن الإمام أحمد والذي فيه أنواع من البلايا والطامات، وقد ورد الحديث فيه في موضعين وذلك ص (171) و (190) وهذا سنده هناك:
حدثني أبي حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن هشام عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو به. قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، إلا أنني أجزم بأن هذا الأثر إن صح عن عبد الله بن عمرو فهو من الإسرائيليات التي حدث بها عن كعب الأحبار: (مجمع الكوارث والتخليطات) لأنه قد ورد في ترجمة كعب الأحبار في " تهذيب التهذيب " (18 / 394 دار الفكر) رواية عطاء عنه وعن عبد الله بن عمرو، وفي " سير أعلام النبلاء " (3 / 489) أن كعبا: جالس أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية.
وقال له سيدنا عمر كما في تاريخ أبي زرعة (1 / 544): " لتتركن الأحاديث أو لألحقنك بأرض القردة ".
قلت: وفي هذا الأثر المنكر زيادة على ما ورد في الحديث الصحيح الثابت في مسلم (4 / 2294) من حديث السيدة عائشة مرفوعا:
" خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ".
قلت: ثم رجعت إلى " الأسماء والصفات " للحافظ البيهقي ص (343) فوجدت أن ما كتبته هنا هو مطابق أيضا لما نص عليه الحافظ البيهقي والمحدث الكوثري رحمهما الله تعالى، إلا أن كلامهما أصرح مما قلت وأقوى بلا شك وفيه فوائد أذكر بعضها:
(الأولى): قال البيهقي هناك: " عبد الله بن عمرو كان ينظر في كتب الأوائل، فما لا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون مما رآه فيما وقع بيده من تلك الكتب ". يعني الإسرائيلية.
(الثاني): أن البيهقي وصف هذا الأثر بالانقطاع كابن الجوزي، وهذا مما يؤكد لي أن سند كتاب " السنة " المنسوب لابن أحمد مركب مفتعل كما أننا على شك من نسبة كتاب " السنة " لابن أحمد وخصوصا أن في سنده - أعني الكتاب - لابن أحمد مجهول. فتأمل.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 189 191 192 ... » »»
الفهرست