دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ١٧٩
قلت: اعلم أن الضحك (113) له معان ترجع إلى معنى البيان والظهور، وكل من أبدى عن أمر كان مستورا قيل قد ضحك. يقال:
ضحكت الأرض بالنبات إذا ظهر ما فيها، وانفتق عن زهره، كما يقال:
بكت السماء.
(113) إعلم أن هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه: " يضحك الله من رجلين.. " ورد عند النسائي (6 / 38 برقم 3165) بلفظ:
" إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه.. " وإسنادها صحيح، ورواه ابن خزيمة كما في " الجامع الكبير " برقم (28615) للحافظ السيوطي.
ومنه يتبين أننا لا نستطيع الجزم بواحدة من اللفظتين، وقد أول الإمام البخاري رحمه الله تعالى الضحك بالرحمة، وقد نقل ذلك التأويل عنه الحافظ " فتح الباري " (6 / 40) بواسطة الخطابي، وكذلك الحافظ البيهقي نقل هذا التأويل عن البخاري في موضعين من كتابه " الأسماء والصفات " ص (298) و ص (470).
قال البيهقي هناك:
" روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى أنه قال:
معنى الضحك في الحديث الرحمة " ا ه فتأمل.
وقال الإمام الحافظ النووي في شرح مسلم (3 / 43):
" قد قدمنا معنى الضحك من الله تعالى وهو الرضى والرحمة وإرادة الخير لمن يشاء رحمته عن عباده " ا ه.
وانظر لزاما " فتح الباري " (6 / 40).