دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ١٠٦
الخامس: أنهم لم يفرقوا بين حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين حديث موقوف على صحابي أو تابعي، فأثبتوا بهذا ما أثبتوا بهذا.
السادس: أنهم تأولوا بعض الألفاظ في موضع ولم يتأولوها في موضع آخر كقوله: " من أتاني يمشي أتيته هرولة ".
قالوا: هذا ضرب مثل للإنعام.
وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: " إذا كان يوم القيامة جاء الله يمشي " (20) فقالوا: نحمله على ظاهره.
قلت: فواعجبا!! ممن تأول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتأول كلام عمر بن عبد العزيز (21).
السابع: أنهم حملوا الأحاديث على مقتضى الحس فقالوا: ينزل بذاته (22) وينتقل ويتحرك، ثم قالوا: لا كما يعقل. فغالطوا من يسمع

(20) وهذا كذب مروي عن عمر بن عبد العزيز وضعه عليه بعض أعداء الإسلام الذين كانوا قد اندسوا بين الرواة.
(21) أي على فرض ثبوته عنه، مع أن قول التابعي ليس من حجج الشرع.
(22) وزيادة لفظة بذاته خطيرة جدا في باب التوحيد، لأنها توجب التجسيم الصريح، لا سيما وأنها لم ترد في كتاب ولا سنة، والأصل: لا يجوز وصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه، فأين وردت لفظة " بذاته " في الكتاب والسنة؟!!
وإنني أعجب جد العجب ممن يمنع إطلاق لفظة " ستار " على الله تعالى ويقول بل: " ستير " مع أنه لا فرق بينهما تقريبا ثم يأتي بلفظة " بذاته " فيضيفها إلى الله تعالى، ويزيد عليها الحركة والانتقال ليتم تحقيق التجسيم في أعرض صوره، والعجب من ابن تيمية الذي يثبت الحركة والانتقال في " الموافقة " (2 / 4) بهامش منهاج سنته وينسبه للسلف وليس الأمر كما قال، وكلام السلف ليس من حجج الشرع!!
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست