دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ١٠٠
وأصابع وكفا وخنصرا وإبهاما وصدرا وفخذا وساقين ورجلين.
وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس.
وقالوا: يجوز أن يمس ويمس، ويدني العبد من ذاته.
وقال بعضهم: ويتنفس.
ثم يرضون العوام بقولهم: لا كما يعقل (10).
وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث، ولم يقنعوا بأن يقولوا صفة فعل، حتى قالوا صفة ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا:
لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة (11) ومجئ وإتيان على معنى بر ولطف (12)، وساق على شدة (13)، بل قالوا: نحملها على

(١٠) ومن الامعان في التيه أيضا ذكرهم لآية (ليس كمثله شئ) بعد كلامهم فيما يريدون من إثبات التشبيه والتمثيل، وكذا قول بعضهم التشبيه هو أن تقول:
رجل كرجلي ويد كيدي وهذا كلام غمر لا يعرف أن هذا هذيان فارغ، فإذا أثبت رجلا وقدما وذراعين وصدرا وعينين ووجها وغير ذلك إلا اللحية والعورة كما قال أحد أئمتهم فأي معنى لقولهم بعد ذلك: بلا تشبيه ولا تمثيل؟!!.. رزقنا الله الفهم.
(١١) وقد ثبت في اللغة أن جمع يد وهي الكف أيد كما في القاموس وغيره في مادة (يدي) وقد استعملت العرب (الأيد) بمعنى القوة، وهي جمع يد، لأن الإنسان يستعمل قوته في أغلب أحيانه بواسطة يديه. ومنه (أم لهم أيد يبطشون بها) (١٢) وقد ثبت كما قدمنا أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أول قول الله تعالى (وجاء ربك) بمعنى (جاء ثوابه) كما هو ثابت عنه بالإسناد الصحيح في البداية والنهاية (10 / 327).
(13) ثبت عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما كما في تفسير الطبري وغيره تأويل قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق) أي يوم يشتد الأمر كما تقول العرب في الحرب عند اشتدادها:
كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر الصراح وقد بسط الكلام فيه الحافظ في " فتح الباري " (13 / 428) وحديث ابن عباس أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص (437) بسند صحيح.
وأما لفظة " ساقه " بإثبات الهاء فهي لفظة غير محفوظة وهي مردودة كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح (8 / 664) نقلا عن الحافظ الإسماعيلي وأقره. هذا معنى كلامه.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 104 105 106 ... » »»
الفهرست