دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ١٠٩
يسير: ثم هو عربي (27) وله التجوز (28)، أليس هو القائل: " تأتي البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو فرقان من طير صاف " (29)، " ويؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيذبح " (30)؟!.
فإن قيل لم سكت السلف عن تفسير الأحاديث وقالوا: أمروها كما جاءت (31)؟
(٢٧) يعني سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢٨) أي له أن يستعمل المجاز الذي ينكره بعض المبتدعة.
(٢٩) هو حديث مسلم (١ / ٥٥٣ برقم ٨٠٤) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" اقرأوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان. أو كأنهما غيايتان.
أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما. اقرأوا سورة البقرة.
فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة ". قال معاوية بن سلام أحد رواة هذا الحديث: بلغني أن البطلة: السحرة. هكذا وقع في مسلم.
قلت: والغياية: كل شئ أظل الإنسان فوق رأسه، ومعنى صواف: هو جمع صاف في الهواء، لأن الطير تصف في الهواء أجنحتها. وهذا الحديث في مسند أحمد (5 / 249) أيضا، وتاريخ الخطيب (6 / 537) بنحوه وغيرهما.
وجاء عن أحمد أنه أول هذا الحديث فقال: " جاء ثوابهما " أنظر ص (14).
(30) رواه البخاري (فتح 8 / 428) ومسلم وغيرهما.
(31) والحق كما نقل المصنف رحمه الله تعالى في هذا الكتاب أن السلف أولوا بعض الإضافات ولم يعتبروها صفات لله تعالى فالتأويل والتفويض قد وردا عن السلف بطرق لا يستطيع إنكارها أحد.
ومنه يتبين فساد قول من قال: " إن التفويض من شر أقوال أهل البدع والإلحاد " وكذلك قول من يضلل المؤولين والمفوضين، أنظر موافقة صريح المعقول المطبوع على هامش منهاج البدعة (1 / 118) والتعليق على سنة ابن أبي عاصم ص (212 من طبعة المكتب الإسلامي الثانية)!!.