وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا إن كان تزوجهن في عقدة واحدة فنكاحهن كلهن باطل ويفرق بينه وبينهن وإن كان تزوجهن في عقد متفرقة فنكاح الأربع الأول منهن ثابت ويفرق بينه وبين سائرهن وممن ذهب إلى هذا القول أبو حنيفة وأبو يوسف رحمة الله عليهما وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذا الحديث منقطع ليس كما رواه عبد الأعلى وأصحابه البصريون عن معمر إنما أصله ما حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب أنه قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة أمسك منهن أربعا وفارق سائرهن حدثنا أحمد بن داود المكي قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا ابن عيينة عن معمر عن ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله حدثنا أحمد قال ثنا يعقوب قال ثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله فهذا هو أصل هذا الحديث كما رواه مالك عن الزهري وكما رواه عبد الرزاق وابن عيينة عن معمر عن الزهري وقد رواه أيضا عقيل عن الزهري ما يدل على الموضع الذي أخذه الزهري منه حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود قالا ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال بلغني عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم وتحته عشر نسوة خذ منهن أربعا وفارق سائرهن فبين عقيل في هذا عن الزهري مخرج هذا الحديث وأنه إنما أخذه عما بلغه عن عثمان بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم فاستحال أن يكون الزهري عنده في هذا شئ عن سالم عن أبيه فيدع الحجة به ويحتج بما بلغه عن عثمان بن محمد بن أبي سويد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن إنما أتى معمر في هذا الحديث لأنه كان عنده عن الزهري في قصة غيلان حديثان هذا أحدهما والآخر عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة طلق نساءه وقسم ماله فبلغ ذلك عمر فأمره أن يرتجع نساءه وماله وقال لو مت على ذلك لرجمت قبرك كما رجم قبر أبي رغال في الجاهلية فأخطأ معمر فجعل إسناد هذا الحديث الذي فيه كلام عمر للحديث الذي فيه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ففسد هذا الحديث من جهة الاسناد ثم لو ثبت على ما رواه عبد الأعلى عن معمر عن الزهري لما كانت أيضا فيه حجة عندنا على من ذهب إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف رحمة الله عليهما في ذلك لان تزويج غيلان ذلك إنما كان في الجاهلية قد بين ذلك سعيد بن أبي عروبة عن معمر في هذا الحديث
(٢٥٣)