الثاني من السلك والمفعول محذوف (رضا) حال أو مفعول له على معنى إرادة رضى ليكون فعلا لفاعل الفعل المعلل قاله القاري (لطالب العلم) اللام متعلق برضا، وقيل التقدير لأجل الرضا الواصل منها إليه أو لأجل ارضائها لطالب العلم بما يصنع من حيازة الوراثة العظمى وسلوك السنن الأسنى.
قال زين العرب وغيره: قيل معناه أنها تتواضع لطالبه توقيرا لعلمه كقوله تعالى (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) أي تواضع لهما، أو المراد الكف عن الطيران والنزول للذكر أو معناه المعونة وتيسير المؤنة بالسعي في طلبه أو المراد تليين الجانب والانقياد والفئ عليه بالرحمة والانعطاف، أو المراد حقيقته وإن لم تشاهد وهي فرش الجناح وبسطها لطالب العلم لتحمله عليها وتبلغه مقعده من البلاد قاله القاري (وإن العالم ليستغفر له) قال الخطابي:
إن الله سبحانه قد قيض للحيتان وغيرها من أنواع الحيوان العلم على ألسنة العلماء أنواعا من المنافع والمصالح والأرزاق، فهم الذين بينوا الحكم فيما يحل ويحرم منها وأرشدوا إلى المصلحة في بابها وأوصوا بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها فألهمها الله الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم بها وشفقتهم عليها (والحيتان) جمع الحوت (ليلة البدر) أي ليلة الرابع عشر (لم يورثوا) بتشديد الراء من التوريث (ورثوا العلم) لإظهار الاسلام ونشر الأحكام (فمن أخذه) أي أخذ العلم من ميراث النبوة (أخذ بحظ) أي بنصيب (وافر) كثير كامل.
قال المنذري: والحديث أخرجه ابن ماجة وأخرجه الترمذي وقال فيه عن قيس بن كثير قال: ((قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء)) فذكره وقال ولا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم بن رجاء بن حياة وليس إسناده عندي بمتصل وذكر أن الأول أصح هذا آخر كلامه.
وقد اختلف في هذا الحديث اختلافا كثيرا، فقيل فيه كثير بن قيس، وقيل قيس بن كثير بن قيس ذكر أنه جاءه رجل من أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي بعضها عن كثير بن قيس قال أتيت أبا الدرداء وهو جالس في مسجد دمشق فقلت يا أبا الدرداء إني جئتك من مدينة