على طريقة الالتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما وجواب الشرط محذوف، والتقدير إن تتوبا إلى الله فهو الواجب ودل على المحذوف (فقد صغت) زاغت ومالت (قلوبكما) عن الحق وعن الواجب في مخالصة رسول الله صلى الله عليه وسلم من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه (وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة يعد ذلك ظهير) فوج مظاهر له فما يبلغ تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه والله أعلم (لعائشة وحفصة) هذا تفسير من عائشة رضي الله عنها أو ممن دونها لقوله تعالى (إن تتوبا) تعني الخطاب في قوله إن تتوبا لعائشة وحفصة (لقوله) أي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أيضا تفسير لما قبله لقوله تعالى (حديثا) والمعنى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أزواجه بل شربت عسلا هو مراد الله تعالى (حديثا) أي أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض أزواجه بقوله إني شربت عسلا. قال الحافظ: كان المعنى وأما المراد بقوله تعالى وإذ أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض أزواجه حديثا فهو لأجل قوله بل شربت عسلا انتهى.
واعلم أن في هذا الحديث أي حديث عائشة من طريق عبيد بن عمير أن شرب العسل كان عند زينب بنت جحش، وفي الحديث الآتي أي حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن شرب العسل كان عند حفصة وأن عائشة وسودة وصفية هن اللواتي تظاهرن عليه، فقال القاضي عياض والصحيح الأول.
قال النسائي: إسناد حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج صحيح جيد غاية. وقال الأصيلي: حديث حجاج أصح وهو أولى بظاهر كتاب الله تعالى وأكمل فائدة يريد قوله تعالى:
(وإن تظاهرا عليه) وهما ثنتان لا ثلاثة وأنهما عائشة رضي الله عنها وحفصة رضي الله عنها كما اعترف به رضي الله عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى الذي فيه أن الشرب كان عند حفصة.
قال القاضي: والصواب أن شرب العسل كان عند زينب ذكره القرطبي والنووي، قاله الشيخ علاء الدين في لباب التأويل.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
(يحب الحلواء) بالمد ويجوز قصره. قال العلامة القسطلاني في فقه اللغة للثعالبي: إن حلوى النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يحبها هي المجيع بالجيم بوزن عظيم وهو تمر يعجن بلبن، فإن صح هذا وإلا فلفظ الحلوى يعم كل ما فيه حلو. كذا قال القسطلاني.