تحرم ما أحل الله لك) كذا قال القسطلاني. ولكن قال الخطابي في معالم السنن: في هذا الحديث دليل على أن يمين النبي صلى الله عليه وسلم إنما وقعت في تحريم العسل لا في تحريم أم ولده مارية القبطية كما زعمه بعض الناس انتهى.
قال الخازن: قال العلماء الصحيح في سبب نزول الآية أنها في قصة العسل لا في قصة مارية المروية في غير الصحيحين، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح. قال النسائي: إسناد حديث عائشة في العسل جيد صحيح غاية انتهى.
(فنزلت) هذه الآيات: (يا أيها النبي) (لم تحرم ما أحل الله لك) أي من العسل أو من ملك اليمين وهي أم ولده مارية القبطية. قال النسفي: وكان هذا زلة من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله انتهى. وفي الخازن: وهذا التحريم تحريم امتناع عن الانتفاع بها أو بالعسل لا تحريم اعتقاد بكونه حراما بعد ما أحله الله تعالى، فالنبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن الانتفاع بذلك مع اعتقاده أن ذلك حلال (تبتغي إلى) قوله تعالى (إن تتوبا إلى الله) وتمام الآية مع تفسيرها (تبتغي مرضاة أزواجك) تفسير لتحرم أو حال أي تطلب رضاهن بترك ما أحل الله لك (والله غفور) قد غفر لك ما زللت فيه (رحيم) قد رحمك فلم يؤاخذك بذلك التحريم (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) أي قد قدر الله لكم ما تحللون وقال به أيمانكم وهي الكفارة، أو قد شرع لكم تحليلها بالكفارة، أو شرع لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك حلل فلان في يمينه إذا استثنى فيها، وذلك أن يقول إن شاء الله عقيبها حتى لا يحنث، وتحريم الحلال يمين عند الحنفية.
وعن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية. وعن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنما هو تعليم للمؤمنين (والله مولاكم وهو العليم الحكيم) فيما أحل وحرم (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه) يعني حفصة (حديثا) حديث تحريم مارية أو تحريم العسل، وقيل حديث إمامة الشيخين (فلما نبأت به) أفشته إلى عائشة رضي الله عنها (وأظهره الله عليه) وأطلع النبي صلى الله عليه وسلم على إفشائها الحديث على لسان جبرئيل عليه السلام (عرف بعضه) بتشديد الراء في قراءة أي أعلم حفصة ببعض الحديث وأخبرها ببعض ما كان منها (وأعرض عن بعض) أي لم يعرفها إياه ولم يخبرها به تكرما قال سفيان: ما زال التغافل من فعل الكرام، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر حفصة ببعض ما أخبرت به عائشة وهو تحريم مارية أو تحريم العسل وأعرض عن بعض (فلما نبأها به) أي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بما أفشت من السر وأظهر ه الله عليه (قالت) حفصة للنبي صلى الله عليه وسلم (من أنبأك هذا) أي من أخبرك بأني أفشيت السر (قال نبأني العليم) بالسرائر (الخبير) بالضمائر (إن تتوبا إلى الله) خطاب لحفصة وعائشة