الضمائر المذكرة إلى صيغة التأنيث إذا كان الميت أنثى، لأن مرجعها الميت وهو يقال على الذكر والأنثى. كذا قال الشوكاني رحمه الله وكلامه هذا حسن جدا.
فحصل من مجموع الأحاديث المذكورة في هذا الباب أن المشروع في صلاة الجنازة الثناء على الله تعالى ثم قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو للميت، ثم يكبر ثانيا ولا يقرأ الفاتحة بل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويستكثر من الدعاء للميت مخلصا له، ثم يكبر ثالثا ويصلي ويدعو مثل ما فعل بعد التكبير الثاني، ثم يكبر رابعا من غير قراءة شئ من الدعاء وغيره ويسلم بعد ذلك والله أعلم.
وقال العلامة الشوكاني في النيل: واعلم أنه لم يرد تعيين موضع هذه الأدعية فإن شاء المصلى جاء بما يختار منها دفعة، إما بعد فراغه من التكبير، أو بعد التكبيرة الأولى أو الثانية أو الثالثة، أو يفرقه بين كل تكبيرتين، أو يدعو بين كل تكبيرتين بواحد من هذه الأدعية ليكون مؤديا لجميع ما روى عنه صلى الله عليه وسلم. وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى الذي عند أحمد فليس فيه أنه لم يدع إلا بعد التكبيرة الرابعة إنما فيه أنه دعا بعدها وذلك لا يدل على أن الدعاء مختص بذلك الموضع انتهى.
قلت: والأحب أن يستكثر في الدعاء ويجمع بين هذه الدعوات المأثورة في التكبيرات، لأن هذه الصلاة دعاء للميت واستغفار له، والاستكثار والمبالغة مطلوب فيهما والله أعلم.
وقد جاء الدعاء بعد التكبيرة الرابعة وقبل السلام أيضا لما أخرجه أحمد في مسنده عن عبد الله بن أبي أوفى " أنه ماتت ابنة له فكبر عليها أربعا ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يدعو ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في الجنازة هكذا " وأخرجه ابن ماجة بمعناه كما سيجئ.
ولفظا الحاكم في المستدرك " ثم صلى عليها فكبر عليها أربعا ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا " قال الحاكم: حديث صحيح: وفي التلخيص: ورواه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات وزاد " ثم سلم على يمينه وشماله ثم قال: لا أزيد على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع " وفي رواية البيهقي في سننه الكبرى من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري حدثنا عبد الله بن أبي أوفى " أنه صلى على جنازة ابنته فكبر أربعا حتى ظننت أنه سيكبر خمسا ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له ما هذا؟ فقال إني لا أزيد على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع وهكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم "