ولو قيل من قبل الحنفية إن التناول اللغوي يساعده، يقال له إن التناول اللغوي لم يثبت عند أهل الحجاز كما سلف قول الخطابي.
وقال ابن الأثير: الركاز عند أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن تحتملهما اللغة لأن كلا منهما مركوز في الأرض أي ثابت، يقال ركزه يركزه ركزا إذا دفنه وأركز الرجل إذا وجد الركاز، والحديث إنما جاء في التفسير الأول وهو الكنز الجاهلي، وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه انتهى.
وقال الحافظ الهروي في الغريب: اختلف أهل العراق وأهل الحجاز في تفسيره، قال أهل العراق هو المعادن، وقال أهل الحجاز هو كنوز أهل الجاهلية وكل محتمل في اللغة انتهى.
وقال الزركشي في التنقيح: الركاز هو المال العادي المدفون في الجاهلية انتهى.
وقال الجوهري في الصحاح: الركاز دفين أهل الجاهلية كأنه ركز في الأرض ركزا وفي الحديث: " في الركاز الخمس " تقول منه أركز الرجل إذا وجده انتهى.
وفي المصباح: الركاز المال المدفون في الجاهلية، فعال بمعنى مفعول كالبساط بمعنى المبسوط والكتاب بمعنى المكتوب، ويقال هو المعدن وأركز الرجل اركازا وجد ركازا انتهى.
فظهر من كل ذلك أن التناول اللغوي لا يصح عند أهل الحجاز لأنهم لا يطلقون الركاز على المعادن ولا شبهه أن النبي الحجازي صلى الله عليه وسلم تكلم بلغة أهل الحجاز وأراد به ما يريدون منه، ولذا قال أهل الحديث إنه هو المراد عند الشارع، وصرح أهل اللغة أنه هو المراد في الحديث لكونه لغة أهل الحجاز، ولذا اقتصر الجوهري والزركشي على تفسير أهل الحجاز، ولذا مرض أيضا صاحب المصباح التفسير الثاني لأنه لا يوافق لغة أهل الحجاز فمن استدل بعد ذلك بالتناول اللغوي فقد أخطأ.
ولو سلم التناول اللغوي وأغمض النظر عن جميع ذلك فالتناول اللغوي لا يستلزم التناول في حكم شرعي إذا نطق الشارع بالتفرقة بينهما. وتفصيل الكلام في رفع الالتباس عن بعض الناس فليرجع إليه.
قال الحافظ: واختلفوا في مصرفه فقال مالك وأبو حنيفة والجمهور: مصرفه مصرف خمس الفئ وهو اختيار المزني.