(في الركاز الخمس) كذا أورده أبو داود مختصرا، وقد جاء هذا الحديث مطولا بلفظ:
" العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس " الركاز بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره زاي المال المدفون مأخوذ من الركز يقال ركزه يركزه إذا دفنه فهو مركوز، وهذا متفق عليه.
قال مالك والشافعي: الركاز دفن الجاهلية وقال أبو حنيفة والثوري وغيرهما: إن المعدن ركاز، واحتج لهم بقول العرب أركز الرجل إذا أصاب ركازا وهي قطع من الذهب تخرج من المعادن، وخالفهم في ذلك الجمهور فقالوا لا يقال للمعدن ركاز، واحتجوا بما وقع في حديث أبي هريرة من التفرقة بينهما بالعطف، فدل ذلك على المغايرة. وخص الشافعي الركاز بالذهب والفضة.
وقال الجمهور لا يختص واختاره ابن المنذر، كذا في النيل وتفصيله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" المعدن جبار وفي الركاز الخمس " عطف الركاز على المعدن وفرق بينهما في الحكم فعلم منه أن المعدن ليس بركاز عند النبي صلى الله عليه وسلم بل هما شيئان متغايران، ولو كان المعدن ركازا عنده لقال المعدن جبار وفيه الخمس، ولما لم يقل ذلك ظهر أنه غيره لأن العطف يدل على المغايرة. قال الحافظ ابن حجر، والحجة للجمهور التفرقة من النبي صلى الله عليه وسلم بين المعدن والركاز بواو العطف فصح أنه غيره.
وقال الخطابي: الركاز على وجهين، فالمال الذي يوجد لا يعلم له مالك ركاز لأن صاحبه قد كان ركزه في الأرض أي أثبته فيها، والوجه الثاني: أن الركاز عروق الذهب والفضة فتستخرج بالعلاج، ركزها الله في الأرض ركزا والعرب تقول أركز المعدن إذا أنال الركاز، والحديث إنما جاء في النوع الأول منهما وهو الكنز الجاهلي على ما فسر الحسن، وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة نيله. والأصل أن ما خفت مؤونته كثر مقدار الواجب فيه، وما كثرت مؤونته قل مقدار الواجب فيه، كالعشر فيما يسقى بالأنهار ونصف العشر فيما سقى بالدواليب انتهى.
وقد اعترض الإمام الحجة البخاري في صحيحه على الإمام القدوة أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه كيف ترك المنطوق من الشارع وأدخل المعدن في الركاز وحكم بأخذ الخمس، مع أن الشارع مصرح بخلافه وتعامل السلف يكفي لتعيين مراده.