وأما المجوس فقال بعض الأئمة منهم الشافعي إنه من أهل الكتاب، ويدل عليه أثر ابن عباس الذي في الباب وكذا أثر علي رضي الله عنه عند الشافعي في مسنده، وكذا أثر زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عوف عند ابن أبي عاصم لكن سندهما ضعيف.
وبوب البيهقي في السنن الكبرى فقال: باب المجوس أهل الكتاب والجزية تؤخذ منهم، ثم أورد أثر علي رضي الله عنه هذا.
ومنهم من ذهب إلى أن المجوس ليس من أهل الكتاب، واستدل بما رواه مالك في الموطأ والبزار في مسنده من جهته أن عمر ذكر المجوسي فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب ".
قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد شرح الموطأ في قوله عليه السلام في المجوس " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " يعني في الجزية دليل على أنهم ليسوا أهل كتاب، وعلى ذلك جمهور الفقهاء.
وقد روى عن الشافعي أنهم كانوا أهل الكتاب فبدلوا، وأظنه ذهب في ذلك إلى شئ روى عن علي من وجه فيه ضعف يدور على أبي سعيد البقال، ثم ذكر أثر علي رضي الله عنه ثم قال وأكثر أهل العلم يأبون ذلك ولا يصححون هذا الأثر، والحجة لهم قوله تعالى: (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) يعني (اليهود والنصارى) وقوله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده).
وقال تعالى: (يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل) فدل على أن أهل الكتاب هم أهل التوراة والإنجيل اليهود والنصارى لا غير.
وقد روى عبد الرزاق عن ابن جريح قال: قلت لعطاء: المجوس أهل كتاب؟ قال لا.
وقال أيضا: أنبأنا معمر قال سمعت الزهري سئل أتؤخذ الجزية ممن ليس من أهل الكتاب؟ قال نعم، أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل البحرين، وعمر من أهل السواد، وعثمان من بربر. انتهى والحديث سكت عنه المنذري.
(سمع) أي عمرو (بجالة) بفتح الموحدة وتخفيف الجيم تابعي شهير وهو ابن عبدة