قلت: حديث يزيد بن عبد الله فيه دليل واضح على ابطال ما ذهب إليه فإن فيه وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم الصفي. وقالت عائشة وهي أعلم الناس " كانت صفية من الصفي " وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " ولا يحل لي من غنائمكم " فخص منه الصفي والله أعلم.
فائدة: ثم اعلم رحمك الله تعالى وإياي أن قسمة الغنائم على ما فصلها الله تعالى وبينها بقوله: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله) الآية واختلف العلماء هل الغنيمة والفئ اسمان لمسمى واحد أم يختلفان في التسمية، فقال عطاء بن السائب: الغنيمة ما ظهر المسلمون عليه من أموال المشركين فأخذوه عنوة، وأما الأرض فهي فئ وقال سفيان الثوري: الغنيمة ما أصاب المسلمون من مال الكفار عنوة بقتال وفيه الخمس وأربعة أخماسه لمن شهد الوقعة.
والفئ ما صولحوا عليه بغير قتال وليس فيه خمس فهو لمن سمى الله وقيل الغنيمة ما أخذ من أموال الكفار عنوة عن قهر وغلبة. والفئ ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب كالعشور والجزية وأموال الصلح والمهادنة. وقيل إن الفئ والغنيمة معناهما واحد وهما اسمان لشئ واحد.
والصحيح أنهما يختلفان فالفئ عمر ما أخذ من أموال الكفار بغير إيجاف خيل ولا ركاب، والغنيمة ما أخذ من أموالهم على سبيل القهر والغلبة بإيجاف خيل عليه وركاب. فذكر الله تعالى في هذه الآية حكم الغنيمة فقال (واعلموا أنما غنمتم من شئ) يعني من أي شئ كان حتى الخيط والمخيط (فأن لله خمسه وللرسول) وقد ذكر أكثر المفسرين أن قوله، " لله " افتتاح كلام على سبيل التبرك، وإنما أضافه لنفسه تعالى لأنه هو الحاكم فيه فيقسمه كيف شاء، وليس المراد منه أن سهما منه لله مفردا، وهذا قول الحسن وقتادة وعطاء والنخعي قالوا سهم الله وسهم رسوله واحد. والغنيمة تقسم خمسة أخماس أربعة أخماسها لمن قاتل عليها والخمس الباقي لخمسة أصناف كما ذكر الله عز وجل للرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. وقال أبو العالية: يقسم خمس الخمس على ستة أسهم سهم لله عز وجل. والقول الأول أصح، أي أن خمس الغنيمة يقسم على خمسة أسهم سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان له في حياته واليوم هو لمصالح المسلمين وما فيه قوة الاسلام، وهذا قول الشافعي وأحمد. وروى الأعمش عن إبراهيم قال:
كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي صلى الله عليه وسلم في الكراع والسلاح. وقال قتادة هو للخليفة. وقال أبو حنيفة: سهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته مردود في الخمس فيقسم الخمس على الأربعة الأصناف المذكورين في الآية وهم ذوو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. وقوله تعالى: (ولذي القربى) يعني أن سهما من خمس الخمس لذوي القربى وهم أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم. واختلفوا