قال الخطابي: يقال إنها كانت شتمت النبي صلى الله عليه وسلم وهو الحدث الذي أحدثته، وفيه دلالة على وجوب قتل من فعل ذلك. وحكي عن مالك أنه كان لا يرى لمن سب النبي صلى الله عليه وسلم توبة ويقبل توبة من ذكر الله بسبب أو شتم ويكف عنه، انتهى. والحديث سكت عنه المنذري.
(عن الصعب) بفتح الصاد وسكون العين المهملتين (بن جثامة) بفتح الجيم وتشديد المثلثة (عن الدار) أي عن أهل الدار. وفي رواية البخاري " عن أهل الدار " قال الحافظ أي المنزل (يبيتون) بفتح المثناة المشددة بعد الموحدة مبنيا للمفعول، أي يغار عليهم ليلا بحيث لا يعرف رجل من امرأة (فيصاب) أي بالقتل والجرح (من ذراريهم) في شرح مسلم الذراري بالتشديد أفصح، وهي النساء والصبيان انتهى. والمراد هنا الأطفال والولدان من الذكور والإناث (هم منهم) أي الذراري والنساء من أهل الدار من المشركين. قال القسطلاني: ليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم بل إذا لم يوصل إلى قتل الرجال إلا بذلك قتلوا وإلا فلا تقصد الأطفال والنساء بالقتل مع القدرة على ترك ذلك جمعا بين الأحاديث المصرحة بالنهي عن قتل النساء والصبيان وما هنا انتهى (وكان عمرو الخ) قائله سفيان (قال الزهري ثم نهى إلخ) قال الحافظ في الفتح: كأن الزهري أشار بذلك إلى نسخ حديث الصعب انتهى. واستدل به من قال: إنه لا يجوز قتل النساء والصبيان مطلقا.
واعلم أن هذا الحديث أخرجه الجماعة إلا النسائي ولم يذكر هذه الزيادة غير أبي داود وأخرجها الإسماعيلي من طريق جعفر الفريابي عن علي بن المديني عن سفيان بلفظ: وكان الزهري إذا حدث بهذا الحديث قال وأخبرني ابن كعب بن مالك عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهي عن قتل النساء والصبيان. وأخرجه أيضا ابن حبان مرسلا كأبي داود، كذا في النيل. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.