عليها حتى يطلب الأمر منها. ويؤخذ من قوله تستأمر أنه لا يعقد إلا بعد أن تأمر بذلك، وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الولي في حقها بل فيه إشعار باشتراطه. قاله الحافظ (ولا البكر إلا بإذنها) أي ولا تنكح البكر إلا بإذنها. وفي رواية البخاري: لا تنكح البكر حتى تستأذن.
قال الحافظ: عبر للثيب بالاستئمار وللبكر بالاستئذان، فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة وجعل الأمر إلى المستأمرة ولهذا يحتاج إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقا والبكر بخلاف ذلك. والإذن دائر بين القول والسكوت بخلاف الأمر فإنه صريح في القول، وإنما جعل السكوت إذنا في حق البكر لأنها قد تستحيي أن تفصح (وما إذنها) وفي رواية البخاري: وكيف إذنها (قال: أن تسكت) أي إذنها سكوتها.
قال الخطابي في المعالم: ظاهر الحديث يدل على أن البكر إذا أنكحت قبل أن تستأذن فتصمت أن النكاح باطل كما يبطل إنكاح الثيب قبل أن تستأمر، فتأذن بالقول. وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وهو قول أصحاب الرأي. وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد وإسحاق: إنكاح الأب البكر البالغ جائز وإن لم تستأذن، ومعنى استئذانها إنما هو عندهم على استطابة النفس دون الوجوب كما جاء في الحديث باستئمار أمهاتهن وليس ذلك بشرط في صحة العقد انتهى. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(أخبرنا حماد) هو ابن سلمة (المعنى) واحد. والحاصل أن يزيد ابن زريع وحماد بن سلمة كلاهما يرويان عن محمد بن عمرو، فيزيد يروي بلفظ حدثني محمد بن عمرو، وحماد بصيغة عن ومعنى حديثهما واحد وإن تغاير في بعض اللفظ (تستأمر اليتيمة) هي صغيرة لا أب لها، والمراد هنا البكر البالغة سماها باعتبار ما كانت كقوله تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم) وفائدة التسمية مراعاة حقها والشفقة عليها في تحري الكفاية والصلاح، فإن اليتيم مظنة الرأفة والرحمة. ثم هي قبل البلوغ لا معنى لإذنها ولا لإبائها، فكأنه عليه الصلاة والسلام شرط بلوغها، فمعناه لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر أي تستأذن. كذا قال القاري في المرقاة (وإن أبت