قد بينا في حديثهما أن ركانة إنما طلق امرأته البتة، فحديثهما أصح، لأن أولاد الرجل أعلم بما جرى به من غيرهم.
والمؤلف رحمه الله يعيد كلامه هذا بعد ذكر حديثهما في باب في البتة وهناك يظهر لك ما فيه. قال المنذري: قال الخطابي في إسناد هذا الحديث مقال ولأن ابن جريج إنما رواه عن بعض بني أبي رافع ولم يسمه والمجهول لا تقوم به الحجة. وحكي أيضا أن الإمام أحمد بن حنبل كان يضعف طرق هذا الحديث كلها انتهى.
(حتى ظننت أنه رادها إليه) أي حتى ظننت أن ابن عباس يرد المرأة إلى ذلك الرجل (فيركب الحموقة) أي يفعل فعل الأحمق (عصيت ربك) أي بتطليقك الثلاث دفعة (فطلقوهن في قبل عدتهن) قال النووي: هذه قراءة ابن عباس وابن عمر وهي شاذة لا تثبت قرآنا بالاجماع ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محقق الأصوليين انتهى.
وقال الحافظ: نقلت هذه القراءة أيضا عن أبي وعثمان وجابر وعلي بن الحسين وغيرهم انتهى.
وفتوى ابن عباس هذا يدل على أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا مجموعة بانت منه، لكن هذا رأيه وروايته المرفوعة الصحيحة الآتية في هذا الباب تدل على أنها لا تبين منه بل تكون الطلاق الثلاث المجموعة واحدة رجعية والمعتبر هو رواية الراوي لا رأيه كما تقرر في مقره.
وأيضا سيأتي عن ابن عباس بسند صحيح أنه إن قال أنت طالق ثلاثا بفم واحد فهي واحدة. ففتوى ابن عباس هذا يناقض فتواه الأول، فإذن لم يبق الاعتبار إلا على روايته.
ثم أورد أبو داود عدة متابعات لفتوى ابن عباس وقال (قال أبو داود: روى هذا الحديث