الهداية: الأصح أن المراجعة واجب عملا بحقيقة الأمر ورفعا للمعصية بالقدر الممكن (ثم ليمسكها حتى تطهر) أي من الحيضة التي طلقها فيها (ثم تحيض) أي حيضة أخرى (ثم تطهر) أي من الحيضة الثانية (ثم إن شاء أمسك بعد ذلك) أي بعد الطهر من الحيضة الثانية (وإن شاء طلق) أي في الطهر الثاني (قبل أن يمس) أي قبل أن يجامع.
وقد اختلف في الحكمة في الأمر بالإمساك كذلك، فقال الشافعي يحتمل أن يكون أراد بذلك أي بما في رواية نافع أن يستبرئها بعد الحيضة التي طلقها فيها بطهر تام ثم حيض تام ليكون تطليقها وهي تعلم عدتها إما بحمل أو بحيض أو ليكون تطليقها بعد علمه بالحمل وهو غير جاهل بما صنع، أو ليرغب في الحمل إذا انكشفت حاملا فيمسكها لأجله.
وقيل الحكمة في ذلك أن لا تصير الرجعة لغرض الطلاق فإذا أمسكها زمانا يحل له فيه طلاقها ظهرت فائدة الرجعة لأنه قد يطول مقامه معها، فيجامعها، فيذهب ما في نفسه فيمسكها. كذا في النيل (فتلك العدة التي أمر الله) أي في قوله: (فطلقوهن لعدتهن (أن تطلق لها النساء) قال الخطابي في المعالم ما حاصله: إن اللام في قوله لها بمعنى في كما يقول القائل: كتبت لخمس ليال خلون من الشهر أي في وقت خلا فيه من الشهر خمس ليال وقوله تلك إشارة إلى ما ولي الكلام المتقدم وهو الطهر أي فالأطهار أو حالة الطهر العدة التي أمر الله أن تطلق فيها النساء، ففي الحديث بيان أن الأقراء التي تعتد بها هي الأطهار دون الحيض.
واعلم أنه استدل الشافعية ومن وافقهم بقوله فتلك العدة الخ على أن عدة المطلقة هو ثلاثة أطهار قالوا لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلقها في الطهر وجعله العدة ونهاه أن يطلق في الحيض وأخرجه من أن يكون عدة ثبت بذلك أن الأقراء هي الأطهار وأجاب الطحاوي بأنه ليس المراد ههنا بالعدة هو العدة المصطلحة الثابتة بالكتاب التي هي ثلاثة قروء بل عدة طلاق النساء أي وقته وليس أن ما يكون عدة تطلق لها النساء يجب أن يكون العدة التي تعتد بها النساء، وقد جاءت العدة لمعان. وفيه ما فيه. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
(طلق امرأة له وهي حائض تطليقة) ظهر بهذه الرواية أنه إنما كان ابن عمر طلق امرأته في