وأما بنعمه ربك فحدث وثانيهما أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه في توقيره كما أمرهم الله تعالى به انتهى (لواء الحمد) اللواء بالكسر وبالمد الراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش قاله الجزري في النهاية قال الطيبي لواء الحمد عبارة عن الشهرة وانفراده بالحمد على رؤوس الخلائق ويحتمل أن يكون لحمده لواء يوم القيامة حقيقة يسمى لواء الحمد وقال التوربشتي لا مقام من مقامات عباد الله الصالحين أرفع وأعلى من مقام الحمد ودونه تنتهي سائر المقامات ولما كان نبينا سيد المرسلين أحمد الخلائق في الدنيا والآخرة أعطى لواء الحمد ليأوى إلى لوائه الأولون والآخرون وإليه الإشارة بقوله آدم ومن دونه تحت لوائي انتهى قلت حمل لواء الحمد على معناه الحقيقي هو الظاهر بل هو المتعين لأنه لا يصار إلى المجاز مع إمكان الحقيقة (وما يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي) قال الطيبي نبي نكرة وقعت في سياق النفي وأدخل عليه من الاستغراقية فيفيد استغراق الجنس وقوله آدم فمن إما بيان أو بدل من محله ومن فيه موصولة وسواه صلته وصح لأنه ظرف وأوثر الفاء التفصيلية في فمن سواه على الواو للترتيب على منوال قولهم الأمثل فالأمثل (وأنا أول من ينشق عنه الأرض) أي للبعث فلا يتقدم أحد عليه بعثا فهو من خصائصه (فيفزع الناس ثلاث فزعات) قال القرطبي كأن ذلك يقع إذا جئ بجهنم فإذا زفرت فزع الناس حينئذ وجثوا على ركبهم (إني أذنبت ذنبا) يعني أكله من الشجرة وقد نهى عنها (أهبطت منه) بسببه والجملة صفة لقوله ذنبا (فيقول إني دعوت دعوة على أهل الأرض دعوة فأهلكوا) وفي رواية إني دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض والمراد بهذه الدعوة قوله رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا وفي رواية قال إنه لو كانت لي دعوة دعوت بها على قومي وفي رواية ويذكر سؤال ربه ما ليس له به علم قال الحافظ ويجمع بينه اعتذر بأمرين أحدهما نهى الله تعالى له أن يسأل ما ليس له به علم فخشى أن تكون شفاعته لأهل الموقف من ذلك ثانيهما أن له دعوة واحدة محققة الإجابة
(٤٦٥)