وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه اخر عن أبي سلمة مرسلا فإن كان محفوظا احتمل أن تكون نزلت في الأمرين جميعا كذا في الفتح قالا لحافظ ابن جرير بعد ذكر عدة أقوال في سبب نزول هذه الآية ما لفظه وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول الله في قوم كانوا ارتدوا عن الإسلام بعد إسلامهم من أهل مكة وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لأن اختلاف أهل التأويل في ذلك إنما هو على أحد قولين أحدهما أنهم قوم كانوا من أهل مكة على ما قد ذكرنا الرواية عنهم والاخر أنهم قوم كانوا من أهل المدينة وفي قول الله تعالى ذكره فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا أوضح الدليل على أنهم كانوا من غير أهل المدينة لأن الهجرة كانت على عهد رسول الله إلى داره ومدينته من سائر أرض الكفر فأما من كان بالمدينة في دار الهجرة مقيما من المنافقين وأهل الشرك فلم يكن عليه فرض هجرة لأنه في دار الهجرة كان وطنه ومقامه انتهى (إنها) أي المدينة (طيبة) هذا أحد أسماء المدينة ويقال لها طابة أيضا روى مسلم من حديث جابر بن سمرة مرفوعا (إن الله سمى المدينة طابة) ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن سماك بلفظ كانوا يسمون المدينة يثرب فسماها النبي طابة وأخرجه أبو عوانة والطاب والطيب لغتان بمعنى واشتقاقهما من الشئ الطيب (إنها تنفي الخبث) بفتح الخاء المعجمة والموحدة بعدها مثلثة أي الوسخ (كما تنفي النار خبث الحديد) أي وسخه الذي تخرجه النار والمراد أنها لا تترك فيها من في قلبه دغل بل تميزه عن القلوب الصادقة وتخرجه كما يميز الحداد ردئ الحديد من جيده قال الخازن معنى الآية فما لكم يا معشر المؤمنين في المنافقين فئتين أي صرتم في أمرهم فرقتين فرقة تذب عنهم وفرقة تباينهم وتعاديهم فنهى الله الفرقة الذين يذبون عنهم وأمر المؤمنين جميعا أن يكونوا على منهاج واحد في التباين لهم والتبرئ منهم والله أركسهم يعني نكسهم في
(٣٠٤)