الصحابة رضي الله تعالى عنهم فمن بعدهم في الكبائر وفي الفرق بينها وبين الصغائر ولبعض الأصحاب في تفسير الكبيرة وجوه أحدها أنها المعصية الموجبة للحد والثاني أنها المعصية التي يلحق صاحبها الوعيد الشديد بنص كتاب أو سنة وهذا أكثر ما يوجد لهم وإلى الأول أميل لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفسير الكبائر والثالث قال إمام الحرمين في الإرشاد وغيره كل جريمة تنبئ بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة فهي مبطلة للعدالة والرابع ذكر القاضي أبو سعيد الهروي أن الكبيرة كل فعل نص الكتاب على تحريمه وكل معصية توجب في جنسها حدا من قتل أو غيره وترك كل فريضة مأمور بها على الفور والكذب والشهادة والرواية واليمين هذا ما ذكروه على سبيل الضبط ثم ذكر في تفصيل الكبائر أقوال بعض أهل العلم قال الحافظ ابن كثير وقد صنف الناس في الكبائر مصنفات منها ما جمعه شيخنا أبو عبد الله الذهبي بلغ نحوا من سبعين كبيرة وإذا قيل إن الكبيرة ما توعد عليها الشارع بالنار بخصوصها كما قال ابن عباس وغيره ولا يتبع ذلك اجتمع منه شئ كثير وإذا قيل كل ما نهى الله عنه فكثير جدا انتهى وقد تقدم شئ من في حد الكبيرة في باب عقوق الوالدين قوله (يغزو الرجال ولا تغزو النساء) وفي رواية أحمد في مسنده يا رسول الله يغزو الرجال ولا تغزو النساء فأنزل الله تبارك وتعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض من جهة الدنيا أو الدين لئلا يؤدي إلى التحاسد والتباغض قال الحافظ ابن كثير قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية قال ولا يتمنى الرجل فيقول لو أن لي مال فلان وأهله فنهى الله عن ذلك ولكن يسأل الله من فضله وقال الحسن ومحمد بن سيرين وعطاء والضحاك نحو هذا وهو الظاهر من الآية ولا يرد على هذا ما ثبت في الصحيح لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق فيقول رجل لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثله فهما في الأجر سواء فإن هذا شئ غير ما نهت عنه الآية وذلك أن الحديث حض على تمني مثل نعمة هذا والآية نهت عن تمني عين نعمة هذا يقول ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض أي في الأمور الدنيوية وكذا الدينية قوله (قال مجاهد) هذا موصول بالسند المتقدم (وأنزل فيها) أي في أم سلمة (إن المسلمين
(٢٩٨)