يتلو القرآن أثموا بأسرهم (واقرأوه) وفي رواية فاقرأوه بالفاء قال الطيبي الفاء في قوله فاقرأوه كما في قوله تعالى استغفروا ربكم ثم توبوا إليه أي تعلموا القرآن وداوموا تلاوته والعمل بمقتضاه يدل عليه التعليل بقوله (فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به) أي داوم على قراءته أو عمل به (كمثل جراب) بالكسر والعامة تفتحه قيل لا تفتح الجراب ولا تكسر القنديل وخص الجراب هنا بالذكر احتراما لأنه من أوعيه المسك قال الطيبي التقدير فإن ضرب المثل لأجل من تعلمه كضرب المثل للجراب فمثل مبتدأ والمضاف محذوف واللام في لمن تعلم متعلق بمحذوف والخبر قوله كمثل على تقدير المضاف أيضا والتشبيه إما مفرد وإما مركب (محشو) أي مملوء ملأ شديدا بأن حشي به حتى لم يبق فيه متسع لغيره (مسكا) نصبه على التمييز (يفوح ريحه) أي يظهر ويصل رائحته (في كل مكان) قال ابن الملك يعني صدر القارئ كجراب والقرآن فيه كالمسك فإنه إذا قرأ وصلت بركته إلى تاليه وسامعيه انتهى قال القاري ولعل إطلاق المكان للمبالغة ونظيره قوله تعالى تدمر كل شئ وأنبتنا من كل شئ مع أن التدمير والإيتاء خاص (ومثل من تعلمه) بالرفع والنصب أي مثل ريح من تعلمه (فيرقد) أي ينوم عن القيام ويغفل عن القراءة أو كناية عن ترك العمل (وهو) أي القرآن (في جوفه) أي في قلبه (أوكى) بصيغة المجهول أي ربط (على مسك) قال الطيبي أي شد بالوكاء وهو الخيط الذي يشد به الأوعية قال المظهر فإن من قرأ يصل بركته منه إلى بيته وإلى السامعين ويحصل استراحة وثواب إلى حيث يصل صوته فهو كجراب مملوء من المسك إذا فتح رأسه تصل رائحته إلى كل مكان حوله ومن تعلم القرآن ولم يقرأ لم يصل بركته منه لا إلى نفسه ولا إلى غيره فيكون كجراب مشدود رأسه وفيه مسك فلا يصل رائحته منه إلى أحد قوله (هذا حديث حسن) وأخرجه النسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه
(١٥١)