الفقير المؤمن، والاهداء بالآخر إلى المؤمن، وينبغي أن يكون فقيرا، لأنه علم وجوب الأكل والتصدق، وكأن كل من قال بهما قال بالتقسيم المذكور، وما نعرف وجها لقول العلامة بالاستحباب سوى الأصل.
وقال في مجمع البيان: وهذا أي الأكل إباحة وندب، وليس بواجب وكلامه يشعر بوجوب التصدق حيث قال بعد الحكم بأن الأكل ندب، وأطعموا البائس الفقير فتأمل، وكلام الكشاف قريب منه: الأمر بالأكل منها أمر إباحة لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من نسائكهم، ويجوز أن يكون ندبا لما فيه من مواساة الفقراء ومساواتهم، ومن استعمال التواضع، ومن ثم استحب الفقهاء أن يأكل الموسع من أضحيته مقدار الثلث، وقد عرفت دفعه مما سبق، ومعلوم عدم دلالة ما ذكره على تعيين كونه للإباحة أو الندب وهو ظاهر نعم يتوجه إمكان ذلك بالاحتمال، ويندفع بما يقتضي الوجوب فتأمل، على أن في قوله مناقشات الأولى الحكم بأن الأمر للإباحة ثم تجويز الندب وتعليله بقول الفقهاء بالندبية المذكورة لجواز كون الأمر للندب، مع أن كونه للندب أقرب من كونه للإباحة غير جيد الثانية عدم الاستحباب عند الكل وهو ظاهر في ذلك (1) الثالثة استحباب أكل مقدار الثلث فإنه ظاهر في كله والمراد الأكل منه وهو ظاهر ومبين.
وبالجملة الحكم بالاستحباب كما فعله العلامة وغيره مشكل لأن ظاهر الآية وجوب الأكل، والاعطاء إلى الفقراء، وكذا قوله تعالى " فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " (2) وهذه أيضا ما تدل على التقسيم المشهور إلا أن يكون المراد بإطعام القانع التصدق على الفقير، وباطعام المعتر الاهداء إلى المؤمن، ولكن فهم ذلك مشكل، ولو كان قائل بوجوب الأكل منه و إعطاء الباقي إلى الفقير البائس والقانع والمعتر لكان القول به جيدا، والحاصل أن هذا هو مقتضى الآية وما أحفظ الآن الأخبار، والظاهر أن لا دلالة فيها أيضا على المشهور.