دويرة أهلك أو تفرد لكل منهما سفرا، أو أن تجرده لهما، ولا تشوبه بغرض دنيوي أو أن يكون النفقة حلالا، وفي الخبر الصحيح أن الاحرام من الميقات من تمام الحج وفي حسنة عمر بن أذينة قال كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام بمسائل بعضها مع ابن بكير وبعضها مع أبي العباس وجاء الجواب باملائه عليه السلام سألت عن قول الله عز وجل " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " يعني به الحج والعمرة جميعا لأنهما مفروضان وسألت عن قول الله عز وجل:
" وأتموا الحج والعمرة لله " قال يعني بتمامهما أداءهما واتقاء ما يتقي المحرم فيهما، وسألت عن قوله تعالى " الحج الأكبر " ما يعني بالحج الأكبر فقال: الحج الأكبر الوقوف بعرفة ورمي الجمار والحج الأصغر العمرة (1) وقال في مجمع البيان: وقيل معناه أقيموهما إلى آخر ما فيهما، وهو المروي عن أمير المؤمنين وعلي بن الحسين وعن سعيد بن جبير ومسروق والسدي " لله " أي لوجه الله يعني اقصدوا الحج والعمرة لله، وافعلوهما له خاصة، أي لامتثال أمره ولموافقة إرادته وثوابه كما قيل في النية.
فعلى هذه التفاسير كلها تدل الآية على وجوب الحج والعمرة ابتداءا وإن لم يكن شرع فيهما، والظاهر أنه لا خلاف عندنا فيه، ويدل عليه الأخبار أيضا وعلى وجوب القربة في فعلهما، فيفهم وجوب النية فيهما وفي سائر العبادات لعدم القائل بالفصل كما هو مذهبنا، فاندفع بها قول الحنفي بعدم وجوب النية، و عدم وجوب العمرة، وأما دلالتها حينئذ على إتمام الحج المندوب، وإتمام الحج الواجب الفاسد والعمرة كذلك كما قيل فليست بواضحة إلا بتكلف، نعم لا يبعد وجوب إتمامهما في الفاسد بدليل وجوب أصلهما، وأصل عدم سقوط الباقي بالإفساد والأصل بقاؤه.
ولكن ظاهر الآية مع قطع النظر عن التفاسير التي تقدمت وجوب إتمامهما بعد الشروع، فتفيد وجوب إتمام كل منهما بعد الشروع فيهما ندبا أو مع الافساد