ربكم، وعن الحسن أنه خطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع يعني أعلمهم بوجوب الحج فحينئذ دلالتها على الأحكام واضحة وعلى الأول لا بد عن انضمام أن ليس هذا منسوخا وأنه من اجتماع الشريعتين مع أنه صلى الله عليه وآله على ملة أبيه إبراهيم عليه السلام " يأتوك " أي يجيؤن إليك " رجالا " أي مشاة جمع راجل كقائم وقيام " وعلى كل ضامر " وركبانا على كل إبل، مهزول حال معطوفة على الحال السابقة كأنه قيل رجالا وركبانا، والضامر الإبل الضعيف، عن ابن عباس أنه ما يدخل مكة إبل ولا غيره إلا هزال " يأتين " صفة لكل ضامر لأنه بمعنى الجمع ويحتمل أن يكون صفة له ولرجالا أيضا " من كل فج عميق " أي طريق بعيد " ليشهدوا منافع لهم " أي ليحضروا ما ندبهم إليه مما فيه نفعهم، في الكشاف نكر المنافع لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة دينية ودنيوية لا توجد في غيرها من العبادات وفي مجمع البيان المنافع التجارات وقيل التجارة في الدنيا والأجر والثواب في الآخرة، وقيل: هي [هنا] منافع الآخرة، وهي العفو والمغفرة عن سعيد ابن المسيب، وهو المروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
ثم اعلم أن فيها دلالة على وجوب الحج مطلقا بل تشعر بعدم شرط استطاعة الركوب ولكن يقيد بقوله تعالى " من استطاع إليه سبيلا " وقد فسرت بالزاد والراحلة لاجماع الأصحاب على ما نقل، وللأخبار، فيحمل رجالا على الحج ماشيا مع استطاعة الركوب أو يحمل الحج على الحج المطلق الواجب أو المندوب ولعل في تقديم رجالا إشعارا بأفضلية المشي على الركوب، والروايات مختلفة مذكورة في محلها مع التوفيق بينها قال في مجمع البيان: وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال لبنيه يا بني حجوا من مكة مشاة حتى ترجعوا إليها مشاة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول للحاج الراكب بكل خطوة يخطوها راحلته سبعون حسنة، وللحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبع مائة حسنة من حسنات الحرم قيل ما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بمائة ألف (1) وفيها دلالة على تفضيل حسنات