ندم عما فعل وأصلح ما أفسد بالكتمان أو أخلص واستمر على التوبة أو ضم العمل الصالح إليه، وبين: أي أظهر توبته ليعلم أنه تائب وأعلم الناس أن ما فعله كان قبيحا أو بين ما كتمه وأرجع عن الجهل الجاهل بذلك.
ولا يبعد أن يكون " أصلحوا وبينوا " وما وقع في مواضع أخر مثل " وعمل صالحا " بعد التوبة إشارة إلى كمال التوبة بالندم عن جميع المعاصي والعزم على تركه، فيخلص من حقوق الله بالتوبة، وعن حقوق الناس بإبراء الذمة، من كل محرم يحتاج إلى إبراء الذمة، وإذا فعل ذلك يقبل الله توبته، وتوبة كل تائب ولو كان بعد نقض التوبة مرارا، فإن الله هو التواب إذ قابل التوبة منحصر فيه، و أنه في نهاية القبول كما يفهم من صيغة المبالغة، والحصر، وأنه كثير الرحمة و التلطف أو العامل ما يعمله ذوا الرحمة بالنسبة إلى محتاج الرحمة.
وقد عرفت مما ذكرناه من التفسير إعرابهما ولغتهما، فيمكن الاستدلال بالأولى على تحريم كتمان الشهادة وكتمان العلوم الدينية عن أهله المحتاجين أصولا وفروعا، بل مطلق العلوم على ما ورد في الخبر عنه صلى الله عليه وآله أيضا أنه من سئل عن تعلمه فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من النار، كذا في مجمع البيان فيدخل فيه كتمان المجتهد الحكم والفتوى سيما عند السؤال، وكذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع الشرائط.
بل لا يبعد إدخال تحريم فعل بعض المحرمات، وترك بعض الواجبات، بحيث يؤديان إلى جوازهما فإن ذلك حينئذ إظهار للباطل، فيكون سترا للحق فيكون كبيرة إلا ما ثبت عدمه بدليل، ولا يبعد أيضا الاستدلال بها على جواز لعن ذلك الشخص المرتكب للكتمان، وإن كان مؤمنا لأن الله لعنه، وقال إنه يستحق اللعن من الناس وغيرهم، وبالثانية على وجوب التوبة لأنها مخلصة من استحقاق اللعن وغيره، وعدم تجويز لعن التائب، ويفهم وجوب قبولها على الله سمعا، وكذا يفهم أيضا من كثير من الآيات والظاهر أنه لا نزاع في ذلك، وإنما النزاع في قبولها