ففيه كمال المبالغة في المنافاة بين الايمان و [إرادة] التحاكم إلى الطاغوت.
وقد اختلف في معنى الطاغوت قال في مجمع البيان وروى أصحابنا عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام أن المعني بالطاغوت كل من يتحاكم إليه ممن يحكم بغير الحق، ويريدون مفعول ثان لألم تر، ويحتمل كونه حالا " ولم تر " بمعنى لم تنظر " وقد أمروا " جملة حالية فالآية دالة على تحريم التحاكم بل كفره وكأنه يريد مع اعتقاد الحقية والعلم بتحريمه إلى حكام الجور الذين لا يجوز لهم الحكم سواء كان جاهلا أو عالما وفاسقا، مؤمنا أو مخالفا يحكم له أو عليه، أخذ أو لم يأخذ بل بمجرد التحاكم والحكم، سواء كان موافقا لنفس الأمر أم لا، ويدل عليه الأخبار أيضا فليطلب من موضعه.
ولا يبعد كون أخذ الحق أو غيره بمعونة الظالم القادر يكون مثل التحاكم إلى الطاغوت ولا يكون مخصوصا باثبات الحكم لوجود المعنى، وإن كانت الآية مخصوصة به، وله مزيد قبح فإنه يرى أنه أخذ بأمر نائب الرسول صلى الله عليه وآله وأنه حق [التحاكم] والظاهر أن تلك المبالغة مخصوصة به.
وقد استثنى أكثر الأصحاب من ذلك صورة التعذر بأن يكون الحق ثابتا بينه وبين الله، ولا يمكن أخذه إلا بالتحاكم إلى الطاغوت وكأنه للشهرة، ودليل العقل والرواية، ولكن الاحتياط في عدم ذلك للخلاف وعدم حجية الشهرة وعدم استقلال العقل، وظهور الرواية، واحتمال اختصاص ذلك بعدم الحاكم بالحق مع إمكان الاثبات لو كان، كا يشعر به بعض العبارات، وأما إذا كان الحاكم موجودا بعيدا أو قريبا ولا يمكن الاثبات لعدم البينة ونحو ذلك، ويكون منكرا فلا، وإلا انتفى فائدة التحاكم إلى الحق ونصب الحاكم، فيكون لكل ذي حق أن يأخذ حقه على أي وجه أمكنه بنفسه، وبالظالم، وهو مشكل إذا كان المال أمرا كليا غير معين، كيف يجوز أخذه من المدعي عليه، بغير رضاه، وبغير الثبوت عليه شرعا نعم لو كان عينا موجودة يمكن جواز أخذها له إن أمكن بغير مفسدة ويتحرى ما هو الأقل مفسدة فتأمل.