في مواضع مثل تفسير قوله " لا ينال عهدي الظالمين " حتى نقل عن أبي حنيفة أنه قال لو دعاني ظالم مثل اللص المتغلب المنصور الدوانقي إلى عد آجر لبناء مسجد أراد بناءه لما أجبته، وهذا منقول في التهذيب عن الصادق عليه السلام.
وقال في مجمع البيان: أما أصحابنا فقد رووا عن الباقر عليه السلام أن أولي الأمر الأئمة المعصومين وآل محمد أوجب الله طاعتهم بالاطلاق كما أوجب طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الاطلاق إلا من ثبت عصمته وعلم أن باطنه كظاهره، وأمن من الغلط والأمر بالقبيح، وليس ذلك بحاصل في العلماء والأمراء وجل الله سبحانه وتعالى عن أن يأمر بطاعة من يعصيه، أو بالانقياد للمختلفين بالقول والفعل.
والحاصل: بطلان غير هذا القول ظاهر، والدليل عليه من العقل والنقل والأخبار خصوصا من طرق أهل البيت عليهم السلام كثيرة جدا ومما يؤيده أن الله ما قرن بينه وبين الرسول للتفاوت العظيم، وقارن بين الرسول وأولي الأمر للقرب، فلا بد أن يكون بينهما قربا ولا قرب بين الرسول وبين غير أهل البيت عليهم السلام وهو ظاهر.
ثم اعلم أن في تعلق الرد إلى الله بالاختلاف ونحو ذلك مما يستفاد منه عدم الرد والخلاف، وعدم خفاء الحق مع الاجتماع دلالة على حجية الاجماع، وهو ظاهر ومسلم لدخول المعصوم فتأمل.
ثم أكد الله تعالى على الرعية التسليم لحكم الله ورسوله بقوله " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به " (1) أي ألم تعلم يا محمد أو ألم تعجب من صنع هؤلاء الذين يزعمون أنهم مؤمنون بما أنزل إليك من القرآن وبما أنزل من قبلك من الكتب مثل التوراة والإنجيل، ومع ذلك يريدون التحاكم إلى الطاغوت وقد أمرناهم أن يكفروا بها في قوله تعالى " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها " (2) يعني لا يمكن زعم الايمان وإرادة التحاكم إلى الطاغوت