وقد استدل في الأصول والتفاسير بمفهومها مثل القاضي بأن تعليق الأمر بالتبيين على قول المخبر يقتضي جواز قبول قول العدل من حيث إن المعلق على شئ عدم عند عدمه، وذلك فرع حجية المفهوم وفيه بحث في الأصول، وأنه بهذا الوجه يدل على قبول خبر مجهول الحال أيضا وهو ظاهر فتأمل.
الثالثة عشر: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط " (1) أمر سبحانه المؤمنين بمواظبتهم بالقسط أي العدل والجد والاجتهاد على إقامته " شهداء لله " خبر ثان لكونوا، أو حال عن اسمها أي كونوا شهداء بالحق تقيمون شهاداتكم لوجهه ومرضاته وامتثال أمره، ولا يكون منظورا لكم شئ سواء " ولو على أنفسكم " أي ولو كانت الشهادة على أنفسكم بأن تقروا عليها لأن الشهادة بيان الحق سواء كان الشاهد أو على غيره " أو الوالدين والأقربين " أي ولو كانت عليهم " إن يكن " المشهود أو كل واحد منه ومن المشهود له " غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما " بالغني والفقير، وبالنظر في أمورهما ومعاشهما، فلو لم يكن في الشهادة صلاح لهما لما شرعها لهما، فهو علة الجزاء أقيم مقامه كما في قوله " فإن الله كان بما تعملون خبيرا ".
هكذا في تفسير القاضي والكشاف والظاهر أن ضمير " يكن " للمشهود عليه فقط لعدم ذكر المشهود له، ودلالة السوق، والمقصود أنه لا بد من الشهادة إن كانت بالحق ولا يجوز تركها لجر نفع نفسه والترحم والتعظيم للوالدين والأقربين فغيرهم بالطريق الأولى، وملاحظة الفقر والغنى في أدائها، وأنه يشهد على الثاني للغنا دون الأول فإنه وإن كان فقيرا فالله له كما هو للغني ولو كان تركها أصلح له لم يكن يأمر بالشهادة عليه فلا فرق بين الغني والفقير، فإن الضرر والنفع بيد الله فكما هي تصلح على الغني تصلح على الفقير أيضا لأن غناه الأول من الله، فالله للفقير كما هو له.
ففي الآية دلالة على كمال المبالغة في وجوب الحكم بالعدل، بل عدم فعل إلا لله