الاخلاص فقال تمييز العمل عن العيوب كتمييز اللبن من بين فرث ودم، كله من الكشاف.
وهذا تشبيه ما أحسن به! وفيه وجوه كثيرة دقيقة جدا منها أنه في الصعوبة مثله لا يقدر عليه إلا الله وتشبيه الريا وغيره مما يضيع العمل بالروث والدم كراهة ورائحة وقذارة وغير ذلك. " سائغا للشاربين " سهل المرور في الحلق، ويقال إنه لم يغص أحد باللبن قط وفيها دلالة على إباحة لبن الأنعام والترغيب على الاتعاظ و الاعتبار والتفكر في أفعال الله تعالى.
" ومن ثمرات النخيل والأعناب " قيل متعلق بمحذوف أي ونسقيكم من عصيرهما بحذف المضاف أو بإرادته منها مجارا، وليس متعلق بنسقيكم المذكور، ولا المقدر المعطوف عليه، إذ يلزم كونه بيانا لعبرة الأنعام، فهو استيناف لبيان الاسقاء عبرة أو منة أخرى أو متعلق بقوله " تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون " ويكون كلمة " منه " تكرارا لا للتأكيد كقولك زيد في الدار فيها وتذكير الضمير باعتبار العصير أو الثمر، والسكر مصدر سمي به الخمر للمبالغة و حينئذ إما أن تكون منسوخة إن كانت قبل تحريم الخمر أو يكون جمعا بين العتاب والمنة، وقيل المراد به يسد الجوع من السكر وقيل المراد من السكر النبيذ، و هو عصير العنب والتمر والزبيب، إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه، ثم يترك حتى يشتد، وهو حلال عند أبي حنيفة إلى حد السكر ويحتج بهذه الآية وبقوله عليه السلام الخمر حرام بعينها والسكر من كل شراب أي حرام، وفي دلالة الآية والخبر على مطلوب أبي حنيفة خفاء.
قال في مجمع البيان السكر لغة على أربعة أوجه الأول ما أسكر من المسكرات والثاني ما طعم من الطعام ونقل شعرا، والثالث السكون ونقل شعرا، والرابع المصدر في قولك سكر سكرا ومنه التسكير التحير في قوله " سكرت أبصارنا ".
وقال فيه أيضا قال قتادة نزلت الآية قبل تحريم الخمر، وروى الحاكم في صحيحه بالاسناد عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية قال السكر ما حرم من ثمرها