الكثرة أن أصحاب الخمر والميسر يقترفون فيهما الإثم من وجوه كثيرة لازمة لعدم العقل والدخول مع الفجار والفساق في فسقهم.
ثم اعلم أنه لا شك في دلالة الآية على تحريم الخمر مؤكدا ومعللا فإنه قال " فيهما إثم " وهو الذنب وأكد بالكبر وبإثمهما وبين بأنه مشتملة على مفاسد كثيرة وهي أكثر مما يتخيل أنه منفعة والحكمة تقتضي تحريم ما فيه المفسدة فكيف المفاسد كما بين في الأصول وإن قلنا بالحسن والقبح الشرعيين فقط وأن أفعاله تعالى ليست معللة بالأغراض، وأنه يجوز خلو الأحكام عن علل ومصالح لأن ذلك لا يجوز عند ظهور المفاسد ولم يقل به من يقول بالشرعيين.
ولذلك أصحاب القياس ما يجوزون كون وجود وصف صالح للعلية غير علة ولا يقولون بخلو الحكم عن علة وإن جاز الخلو مهما أمكن، ويقولون التعبد قليل بل ليس، وأن هذه المفاسد مصلحة للترك لا علة فلا يصح قول القاضي: والأظهر أنها ليست كذلك لما مر أي كون المفاسد محرمة للخمر، لأن الحسن والقبح ليسا بعقليين فتأمل فيه والظاهر أنها ما كانت محللة في الاسلام بل في سائر الأديان على ما هو المشهور بين الأصحاب وسبب النزول في هذا المقام يدل على التحليل في زمان الاسلام أيضا.
قال في الكشاف والقاضي: ونزلت بمكة " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا " فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال، وذلك ليس بظاهر وقيل معنى سكرا رزقا حسنا وما يزيل العقل ليس بحسن.
ثم قالا إن عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة قالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل ومسلبة للمال، فنزلت " فيهما إثم كبير ومنافع للناس " فشربها قوم وتركها آخرون، وهذا أيضا غير واضح إذ فيه إسناد تحليل حكم إلى الله تعالى مع أن عمر وبعض الصحابة يعرفون كونها مفسدة ويريدون تحريمها.
ثم قالا ودعا عبد الرحمن بن عوف ناسا منهم فشربوا وسكروا فأم بعضهم أي صار في صلاة الجماعة إماما، وقرء " قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون " فنزلت