إلا ما اقتضته الحكمة، وما كان مصلحة. ونحوه " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " (1) وقد جاءت الشريطة منصوصة في قوله تعالى " وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم " (2) ومن لم ينس هذه لم ينتصب، معترضا بعزب كان غنيا فأفقره النكاح، وكأن هذه الشريطة محذوفة مثل إجابة الدعاء في قوله " ادعوني استجب لكم " (3) فلا يرد الشبهة.
ففيها دلالة على مرغوبية النكاح مطلقا وأفضليته وعلى استقلال الآباء والأولياء وإن كان المولى عليها بلاغا تأمل، وعلى استقلال الموالي أيضا في نكاح المماليك و أيضا فيها دلالة على تملك المماليك لقوله " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " إذ الظاهر أنه راجع إلى الكل لا الأحرار خاصة، فإنه خلاف الظاهر، نعم يمكن أن يقال غناهم وفقرهم باعتبار مواليهم وإذنهم في التصرف في مالهم، وهو بعيد فتأمل.
الثانية: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله (4).
في الكشاف وليجتهد في العفة وظلف النفس، كأن المستعفف طالب من نفسه العفاف، وحاملها عليه " لا يجدون نكاحا " أي استطاعة تزوج، ويجوز أن يراد بالنكاح ما ينكح به من المال " حتى يغنيهم الله " ترجئة للمستعففين، وتقدمة وعد بالتفضل عليهم بالغنى ليكون انتظار ذلك وتأميله لطفا لهم في استعفافهم وربطا على قلوبهم، وليظهر بذلك أن فضله أولى بالاعفاء وأدنى من الصلحاء، وفيها دلالة على الصبر وطلب العفة إذا لم يجد ما ينكح به، حتى يعطيه الله تعالى من فضله ما يتمكن معه من ذلك وإن كان قليلا، فالصبر والعفة إنما يرغب فيهما بعد عدم وجدان ما يتمكن به من التزويج أصلا لا من يجد شيئا في الجملة، فلا ينبغي طلب الصبر