وإصلاح ذات البين، فيكون الأيمان بمعنى المحلوف عليه، و " أن تبروا " بيانا له ويكون إشارة إلى ما هو المشهور أن المحلوف إذا كان مرجوحا لا ينعقد، وكذا إذا كان راجحا ثم صار مرجوحا كما تدل عليه الأخبار من العامة والخاصة، مثل قوله صلى الله عليه وآله لعبد الرحمن بن سمرة: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير (1) فتأمل.
الثانية: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور رحيم (1).
قيل: أصل اللغو الكلام الذي لا فائدة فيه، يقال ألغى الكلمة إذا طرحها لأنه لا فائدة فيها، واللاغية الكلمة القبيحة الفاحشة، ومنه اشتقاق اللغو لأنه كلام لا فائدة فيه عند غير أهلها، وأصل الحلم الأناة وهو في صفته تعالى الامهال بتأخير العقاب على الذنب، قال في الكشاف والقاضي: اللغو من اليمين الساقط الذي لا يعتد به في الأيمان وهو الذي لا عقد معه بقرينة " عقدتم الأيمان " وهو الذي يجري على اللسان عادة مثل قول العرب لا والله وبلى والله، من غير عقد على يمين، بل لمجرد التأكيد لقولها، أو جاهلا بمعناها أو سبق لسانه إليها، أو في حال الغضب المسقط للقصد.
فمعناه: أن الله لا يؤاخذكم بما لا قصد معه لكم من الأيمان بعقوبة، لا في الدنيا بكفارة ولا في الآخرة بعذابها، بل يؤاخذكم باليمين الملفوظة إذا عزمتم وقصدتم بقلوبكم، وخالفتم، أو إذا كذبتم عمدا بأن يحلف على الماضي كاذبا فإنه يسمى الغموس وهو حرام، ولا كفارة فيه عند الأصحاب، بل إنما هي على فعل متوقع راجح أو ترك كذلك أو مباح، وتحقيق ما يوجب الكفارة سيجئ في تفسير آية الكفارة إن شاء الله، وكل ذلك إذا قصدتم الأيمان وعقدتم عليها القلوب أي إذا واطأت قلوبكم ألسنتكم، أو أنه يؤاخذكم بما تعمدتم وقصدتم من الأيمان على