السادسة: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (1).
قال في الكشاف: العفو ضد الجهد كأنه هو المشقة، فالعفو هو السهولة أي خذ يا محمد ما عفا لك من أفعال الناس وأخلاقهم وما أتى منهم، وتسهل من غير كلفة ولا تداقهم، ولا تطلب منهم الجهد وما يشق عليهم، حتى لا ينفروا كقوله عليه السلام يسروا ولا تعسروا، والعرف المعروف والجميل من الأفعال وأعرض عن الجاهلين.
ولا تكافئ السفهاء مثل سفههم، ولا تمارهم واحلم عنهم، واغض عما يسوؤك منهم، و قيل لما نزلت الآية سأل جبرئيل عليه السلام فقال: لا أدري حتى أسأل ثم رجع فقال:
يا محمد إن ربك أمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.
وعن جعفر الصادق رضي الله عنه: أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها.
فهذه دالة على رجحان حسن الخلق من العفو مما يستحقه الانسان في ذمة الغير من الحقوق وغيره، واستعمال اللين والملاءمة في المعاملات، والأمر بالمعروف والاعراض عن الجهال، وعدم مؤاخذتهم بما فعلوا بالنسبة إلى الانسان ويؤيده " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " (2) وعلى عدم المماكسة وإعطاء الزائد وأخذ الناقص، وعدم الربح على الموعود بالإحسان بل مطلق المؤمن ونحو ذلك من الاحسان.
السابعة: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (3).
قال في مجمع البيان قيل: فيه أقوال: المراد لن يجعل الله لليهود على المؤمنين نصرا ولا ظهورا، قيل: بالحجة، وإن جاز أن يغلبهم بالقوة، ولو حملناه على الغلبة لكان صحيحا لأن غلبة الكفار على المؤمنين ليس من الله تعالى، وقال القاضي:
حينئذ أي في الآخرة أو في الدنيا والمراد بالسبيل الحجة، واحتج به أصحابنا على فساد شراء الكافر المسلم والحنفية على حصول البينونة (4) بنفس الارتداد، وهو