بأنهم ما يأخذون لأنفسهم من الناس إلا بالكيل لأنه أكمل وأمكن وأتم للاستيفاء والسرقة فتأمل، وإذا كالوا أو وزنوا هم من أنفسهم للناس يخسرون ينقضون ذلك ولا يستوفون فتدل على أن إعطاء الناقص حرام، ويدل عليه العقل والنقل، وغيرها أيضا من عدم جواز أخذ أموال الناس إلا برضاهم.
ويدل أيضا على المنع من نقص الكيل والوزن بخصوصه بعض الآيات و الأخبار أيضا مثل " أن لا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان " (1) وتحريم ذلك ظاهر لا يحتاج إلى الدليل " ويل " مبتدأ و " للمطففين " خبره و " إذا " ظرف يتضمن معنى الشرط وما بعده شرطه، و " يستوفون " جراؤه والجملة صلة الذين وهو صفة للمطففين، وذكر الاستيفاء هنا لزيادة قبح النقص حينئذ يعني يأخذ لنفسه تاما ويعطي الغير ناقصا لا أنه أيضا حرام، وإن كان مرجوحا فإن عدم الاستقصاء والاستيفاء وإعطاء الزايد وأخذ الناقص مطلوب شرعا لأنه إحسان عقلا ونقلا ومرغوب ومستحب ذكر ذلك مع دليله في محله، ويحتمل أن يكون المراد الاستيفاء مع أخذ الزائد كما يشعر به كلمة " على " الدالة على الضرر، فيكون هو أيضا حراما بخصوصه.
" وإذا كالوا " الخ عطف على " اكتالوا " عطف جملة على جملة، قيل اكتالوا وكالوا بمعنى واحد، وكان زيادة الحرف في الأول تدل على زيادة الحرص والسعي فيه، و " هم " في الموضعين منصوب إما لأنه يقال كالهم، كما يقال كال لهم، كما يفهم ذلك من مجمع البيان أو على الحذف والايصال، أو على حذف مضاف أي مكيلهم، وقال في الكشاف: لا يحسن كونه تأكيدا لضمير كالوا لفوات المقابلة لما قبله ولا كونه فصلا لأنه إنما يكون بين المبتدأ والخبر ونحوه، مثل مفعولي فعل.
قال في مجمع البيان: قيل ذلك والصحيح أنه منصوب كأنه إشارة إلى ما ذكر من ضعف التأكيد والفصل، ووجه صحة النصب وهو ظاهر لا يحتاج إلى البيان.