والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون * فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون " (1) بالنص والاجماع، قيل موضعه " تعبدون " لقربه من الأمر بالسجود وفيه تأمل، فإن هذا الأمر لا يدل على وجوبه عند قراءتها، وهو ظاهر، وقيل لا يسأمون وهو مذهب الأكثر لتمام المعنى ولأن الأصل عدم الوجوب وقد تحقق حينئذ بالإجماع ولعل الفعل حينئذ أحوط، إذ وجوبها فوريا بحيث يضر هذا المقدار من التأخير للاحتياط غير ظاهر ويمكن كون الأحوط السجدة مرتين " وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون " (2) أي تركبونها وتركبونه حذف الضمير الأول لدلالة الثاني عليه " لتستووا على ظهوره " وظاهره مختص بالأنعام، ويحتمل العموم قال في الكشاف على ظهور ما تركبون، وهو الفلك والأنعام " ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه " تكرار للمبالغة " وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون " وروي في أخبار أهل البيت عليهم السلام قراءة هذه الآية وبعدها " الحمد لله رب العالمين " عند الركوب (3) وكذا آية " بسم الله مجريها " في السفينة.
في الكشاف: ومعنى ذكر نعمة الله عليهم أن يذكروها في قلوبهم معترفين بها مستعظمين لها، ثم يحمدوا عليها بألسنتهم، وهو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال " بسم الله " فإذا استوى على الدابة قال الحمد لله على كل حال سبحان الذي إلى قوله لمنقلبون، وكبر ثلاثا وهلل ثلاثا. وقالوا إذا ركب السفينة قال " بسم الله مجريها ومرسيها، إن ربي لغفور رحيم ".
وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما أنه رأى رجلا ركب دابة فقال سبحان الذي سخر لنا هذا فقال أبهذا أمرتم فقال وبم أمرنا؟ قال أن تذكروا نعمة ربكم كان قد أغفل التحميد، فنبهه عليه، وهذا من حسن مراعاتهم لآداب الله، ومحافظتهم على دقيقها وجليلها، جعلنا الله من المقتدين بهم، وسايرين بسيرتهم. مقرنين مطيعين