وفي قوله " والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون " (1) دلالة على كون الشعر صفة ذم وكذا متابعة الشعراء ويدل عليه الأخبار أيضا حتى ورد إعادة الوضوء بقراءة ما زاد على ثلاثة أبيات إلا أن يراد ما هو الباطل منه. في الكشاف: " الشعراء " مبتدأ " ويتبعهم الغاوون " خبره، ومعناه أنه لا يتبعهم على باطلهم وكذبهم وفضول قولهم وما هم عليه من الهجاء والتمزيق بالأعراض والقدح في الأنساب، ومدح من لا يستحق المدح، ولا يستحسن ذلك منهم إلا الغاوون والسفهاء ويؤيد التخصيص وجود الأشعار عن العلماء والصلحاء، بل عن الأئمة عليهم السلام والظاهر أنه إذا كان مشتملا على النصيحة والحكمة والمباحات و الحق والمراثي والمدح لأهل البيت عليهم السلام لا يذم، ويدل عليه قوله تعالى " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا ". في الكشاف استثنى الشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله وتلاوة القرآن، وكان ذلك أغلب عليهم من الشعر، أو إذا قالوا شعرا قالوه في توحيد الله والثناء عليه والحكمة والموعظة والزهد والآداب الحسنة، ومدح رسول الله صلى الله عليه وآله والصحابة وصلحاء الأمة، و ما لا بأس به من المعاني التي لا يتلطخون فيها بذنب، ولا يتلبسون بشائبة، ولا منقصة الخ، وتدل أيضا على مذمة الخوض في الأمور من غير علم، وكذا القول بما لم يفعل، وهو مذموم جدا ودلت عليه الآيات والأخبار.
ويدل على مرجوحية الفرح في الدنيا قوله " لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين " وكذا " فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا " (2) في الكشاف وذلك أنه لا يفرح بالدنيا إلا من رضي بها واطمأن إليها فأما من قلبه إلى الآخرة ويعلم أنه مفارق ما فيها عن قريب لم تحدثه نفسه بالفرح، ويدل على تحريم التكبر والعلو والفساد بل إرادتها أيضا فيدل على تحريم قصد المحرم بمجرده من غير فعله فافهم.
" ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها