والحاصل أن الذي يظهر أن احزانهما على وجه لم يعلم جواز ذلك شرعا - مثل الشهادة عليهما، مع أنه قد منع قبول ذلك أيضا بعض مع صراحة الآية في وجوب الشهادة عليهما، مع أن فائدته القبول لأن قبول شهادته عليهما تكذيب لهما - عقوق وحرام كما مر في الخبر ويظهر من الآية، وطاعتهما تجب ولا يجوز مخالفتهما في أمر يكون أنفع له، ويضر بحاله دينا أو دنيا، أو يخرج عن زي أمثاله، وما يتعارف منه، ولا يليق بحاله، بحيث يذمه العقلاء، ويعترفون أن الحق أن لا يكون كذلك، ولا حاجة له في ذلك، ولا ضرر عليه بتركه ويحتمل العموم للعموم إلا ما أخرجه الدليل بحيث يعلم الجواز شرعا لاجماع ونحوه، مثل ترك الواجبات العينية والمندوبات غير المستثنى.
وليس وجوب طاعتهما مقصورا على فعل الواجبات وترك المعصيات للفرق بين الولد وغيره، فإن ذلك واجب والظاهر عموم ذلك في الولد والوالدين.
قال الشهيد قدس سره في قواعده: قاعدة تتعلق بحقوق الوالدين: لا ريب أن كل ما يحرم أو يجب للأجانب يحرم أو يجب للأبوين، وينفردان بأمور:
الأول: تحريم السفر المباح بغير إذنهما، وكذا السفر المندوب، وقيل بجواز سفر التجارة وطلب العلم إذا لم يمكن استيفاء التجارة والعلم في بلدهما، كما ذكرناه، فيما مر.
الثاني: قال بعضهم: يجب عليه طاعتهما في كل فعل، وإن كان شبهة، فلو أمراه بالأكل معهما من مال يعتقده شبهة أكل، لأن طاعتهما واجبة، وترك الشبهة مستحب.
الثالث: لو دعواه إلى فعل وقد حضرت الصلاة فليؤخر الصلاة وليطعهما لما قلناه.
الرابع: هل لهما منعه من الصلاة جماعة؟ الأقرب أنه ليس لهما منعه من الصلاة مطلقا بل في بعض الأحيان، لما يشق عليهما مخالفته: كالسعي في ظلمة الليل إلى العشاء والصبح.