ذلك فنفي ذلك عنهم، وعلى هذه الوجوه يكون " أن يأكلوا " مقدرا قبل قوله " ولا على أنفسكم " و " حرج " بعده، ورابعها أن المعنى ليس على هؤلاء حرج في ترك الجهاد والتخلف عنه، لأنهم معذورون، وحينئذ يكون المحذوف أن يتركوا الجهاد ويكون الحال قرينة على المحذوف فيكون أول الكلام قرينة في ترك الجهاد و الثاني في الأكل.
وفي الكشاف: لا قصور فيه لاشتراكهما في نفي الحرج، ومثال ذلك أن يستفتيك مسافر عن الافطار في رمضان، وحاج مفرد عن تقديم الحلق على النحر فقلت: ليس على المسافر حرج أن يفطر، ولا على الحاج أن يقدم الحلق على النحر ولو كان " على ترك الجهاد " مذكورا لكان مثله فكأنه للظهور بمنزلة الذكر، ويحتمل أن يكون المعنى ليس على هؤلاء حرج مطلقا فيما عجزوا عنه، مثل قوله ذلك في إنا فتحنا.
" فإذا دخلتم بيوتا " في الكشاف: من هذه البيوت للأكل فابدؤا بالسلام على أهلها الذين هم منكم دينا وقرابة، وظاهرها أعم أي بيت كان من أي شخص كان، وهو الأولى كما يدل عليه تنكيرها، فالخروج عنه بلا سبب غير معقول " فسلموا على أنفسكم " أي ليسلم بعضكم على بعض كقوله " اقتلوا أنفسكم " وقيل معناه فسلموا على أهليكم، في مجمع البيان: وعيالكم، وقال إبراهيم: إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وقال أبو عبد الله عليه السلام هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثم يردون عليه فهو سلامكم على أنفسكم " تحية من عند الله " أي هذه تحية حياكم الله بها عن ابن عباس، وقيل:
معناه علمها الله وشرعها لكم، فإنهم كانوا يقولون عم صباحا، ثم وصف التحية فقال " مباركة طيبة " أي إذا لزمتموها كثر خيركم، وطاب أجركم، وقيل:
مؤيدة حسنة جميلة عن ابن عباس وقيل: إنما قال " مباركة " لأن معنى " السلام عليكم ": حفظكم الله وسلمكم الله من الآفات، فهو دعاء بالسلامة من آفات الدنيا والآخرة، وقال " طيبة " لما فيها من طيب العيش بالتواصل، وقيل: لما