على أن القرينة لا تقابل بالإذن وغالبا لا تفيد العلم، ولا استعباد في الشرع من إذن الشارع مع عدم العلم برضا الصاحب، لاحتمال كون القرابة والصداقة موجبة لذلك، وأبعد من ذلك احتجاج الحنفية فإنه لا دلالة في هذه الآية على ذلك أصلا ولو كانت فيها دلالة فتكون فيمن تضمنته الآية لا في المحرم فتأمل.
" جميعا أو أشتاتا " أي لا بأس في الأكل مجتمعين ومتفرقين، قيل: نزلت في بني ليث بن عمرو بن كنانة كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده، فربما قعد منتظرا نهاره إلى الليل، فإن لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة، وقيل في قوم من الأنصار كانوا إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم، وقيل تحرجوا عن الاجتماع على الطعام، لاختلاف الناس في الأكل، وزيادة بعضهم على بعض، وفي مجمع البيان:
معناه لا بأس بأن يأكل الغني من الفقير في بيته، فإن الغني كان يدخل على الفقير من ذوي قرابته أو صداقته فيدعوه إلى طعامه فيتحرج.
ويعلم من هذه الوجوه أن ليس المقصود الأكل من بيوت المذكورين جميعا أو أشتاتا كما هو ظاهر الآية فدلت على جواز الأكل وحده، بل عدم شئ فيه، فما نقل في الأخبار أن من الملعونين من يأكل زاده وحده، يمكن أن يكون معناه لا يعطي منه المحتاجين ما يسد رمقهم أو يكون عدم الاعطاء من جميع الزاد مكروها أو الأكل وحده مكروها، وذكر اللعن للمبالغة كالنائم وحده، والآية يكون للجواز فقط.
ثم اعلم أنه قد قال في مجمع البيان: اختلفوا في تأويل " ليس على الأعمى حرج " على معان أحدها أن المعنى ليس عليكم في مؤاكلتهم حرج، لأنهم كانوا يتحرجون من ذلك، ويقولون الأعمى لا يبصر فيأكل جيد الطعام، والأعرج لا يتمكن من الجلوس وأكل ما يريد، وكذا المريض الضعيف وثانيها أن المسلمين إذا غزو أخلفوا هؤلاء في بيوتهم ويعطوهم المفاتيح ويحلون لهم الأكل وهم يتحرجون منه، وثالثها أن المؤمنين كانوا يذهبون بهؤلاء إلى بيوت أزواجهم وأقاربهم المذكورين فيطعمونهم، وكانوا يتحرجون عن ذلك، وقد يتخيل المؤمنون أيضا الحرج في