الطاعة بمعنى السنة، لكن يفهم من الكشاف وتفسير القاضي أنه واجب عند أبي حنيفة أيضا وسنة عندهما، حيث نقل فيهما عن أحمد أنه سنة وكذا عن أنس وابن عباس محتجا بقوله " فلا جناح " فإنه يفهم منه التخيير، هذا كلامهما وأنت تعلم عدم دلالة التخيير على السنة ولعل وجهه أن الظاهر من نفي الحرج هو التخيير عرفا، بمعنى جواز الفعل والترك، وعلم الرجحان من كونه شعائر الله، وغير ذلك، فيكون سنة أو أنه علم عدم التحريم من نفي الحرج والأصل عدم الوجوب والكراهة، وقد علم كونه عبادة، فيثبت الاستحباب، وهو المراد بالسنة المستدل عليها، أو أراد من أنه سنة: أنه ليس بواجب، وأنه ما يرد على الاحتجاج ما أورده القاضي بقوله وهو ضعيف لأن نفي الجناح يدل على الجواز الداخل في معنى الوجوب فلا يدفعه وهو ظاهر وقد فهم مما ذكرناه أيضا فافهم.
التاسعة: لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين [لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا (1)].
مضمونها تصديق النبي صلى الله عليه وآله في رؤياه التي حكاها لأصحابه دفعا لتوهم من توهم خلافه حيث تأخرت بالحق أي الثابت الكائن لا محالة، وهو نقيض الباطل " لقد صدق الله " جواب قسم محذوف والحق متعلق الرؤيا أي رؤيا متلبسا بالحق أو صفة لمصدر صدق أي صدقا متلبسا بالحق.
ويحتمل أن يكون قسما إما اسم الله تعالى أو نقيض الباطل " لتدخلن " جواب قسم محذوف على الأولين وعلى الأخير جواب بالحق " إنشاء الله " معترض تعليما للعباد، وليعلقوا مواعيدهم بالمشية، حتى لا يحصل الخلاف، والخطاب له صلوات الله عليه وآله ولأصحابه " آمنين " حال عنهم أي غير خائفين " محلقين " حال أخرى " رؤسكم " مفعوله " ومقصرين " عطف عليه، وظاهرها تدخلون بعضكم محلق و