يقبل منه (1) وفيه تأمل إذ يلزم دخول العبادات في الاسلام والايمان عند أصحابنا أيضا مع أنه ليس كذلك كما ذكر صاحب مجمع البيان في تفسير " يؤمنون بالغيب " لأن عند المعتزلة الأعمال داخلة في الايمان، وقد قال هما واحد عندهم وعند أصحابنا وقد ذكر ذلك أيضا في تفسير " يؤمنون بالغيب " فتأمل. وكذا على جواز الدعاء للذرية.
وقال القاضي (2) ووخصا بعضهم أي بعض الذرية على تقدير جعل من في قوله " ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " للتبعيض لما أعلما أن في ذريتهما ظلمة، وعلما أن الحكمة الإلهية لا يقتضي الاتفاق على الاخلاص، والاقبال الكلي على الله، فإنه مما يشوش أمر المعاش، ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا انتهى وفيه تأمل إذ يفهم من قوله ظلمة أنه أخذ الاسلام خلاف الظلم، وهو الكفر أو الفسق فيقابلهما الايمان أو العدالة، ومن قوله وعلما أن الحكمة الخ أنه الاخلاص وغايته الاقبال الكلي، بحيث لا يمكن مع الاتفاق عليه المعيشة، فليست بمطلوبة لله تعالى من الكل مع بعد هذا المعنى من الفهم، ويمكن أن يكون مطلوبا من الكل في كل أحد شئ. مثلا ممن يزرع، التوجه الكلي على وجه يجتمع مع شغله، وقصد التقرب بذلك الشغل بأن يقصد معيشته ومعيشة عياله وبقاء النوع، وكذا من الحمامي وغيره فيقصدون بقاء النوع ومعاونة بعضهم بعضا ليفرغ بعضهم لعبادة غير هذه الأعمال مثل طلب العلم وغيره، فيكون الاخلاص والاقبال الكلي من الكل مطلوبا على سبيل التخيير والتبعيض، إذ يبعد عدم طلب الاقبال الكلي عن الكل بل لا وجه له، وأيضا الظاهر أن يقول يقتضي عدم الاتفاق ولعل النزاع معه لفظي وليس في هذه الآيات من الأحكام ما يعتد به وإنما ذكرت تبعا.