يتحقق بدون الوجل عند ذكر الله بقوله تعالى " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " أي فزعت قلوبهم لذكر الله ويحتمل أن يكون المعنى الخوف والطمع عند ذكر أمر الله وثوابه، ونهيه وعقابه، والائتمار والانتهاء والانزجار، فيحتمل أن يكون ذلك شرطا لكمال الايمان، فيكون المراد إنما المؤمنون الكاملون في الايمان قال في الكشاف والدليل عليه " أولئك هم المؤمنون حقا " وفي الدليل تأمل فإن حقا يجوز أن يكون مفعولا مطلقا لمحذوف تأكيدا لمضمون الجملة كما ذكره أيضا فتأمل.
ويحتمل كونه شرطا لمطلق الايمان فإن شرطه قبول الأمر والنهي، بمعنى عدم الانكار، والطمع في الثواب، والخوف من العقاب، وتحقق ذلك عنده.
" وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا " يعني إذا قرئت عندهم آية من آيات الله الدالة على الله وصفاته زادتهم الايمان وفي هذا دليل على قبول الايمان الزيادة والنقصان، ويدل على أنه لا بد من التوكل في الايمان قوله تعالى " وعلى ربهم يتوكلون " عطف على " إذا ذكر الله " كما قبله، وعلى ربهم متعلق بيتوكلون أي لا يفوضون أمرهم إلا إلى الله تعالى، ولا يخشون ولا يرجون إلا الله.
ولنختم هذا البحث بآية " وما أفاء الله على رسوله منهم " (1) أي المال الذي أفاء الله أعاده وأرجعه وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله من الكفار، وجعله فيئا له خاصة " فما أوجفتم عليه " أي فما أجريتم على تحصيله ومغنمه، وهو من الوجيف هو سرعة السير " من خيل ولا ركاب " ولا تعبتم في القتال عليه، وإنما مشيتم على أرجلكم و المعنى أن ما خول الله ورسوله من أموال بني النضير شئ لم تحصلوه بالقتال والغلبة " ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شئ قدير " ولكن سلط الله رسوله عليهم وعلى ما في أيديهم كما كان يسلط رسله على أعدائه، فالأمر فيه مفوض إليه يضعه حيث يشاء، يعني أنه لا يقسم قسمة الغنائم التي قوتل عليها، وأخذت عنوة و قهرا، وذلك أنهم طلبوا القسمة فنزلت كذا في الكشاف ولكن فيه تأمل إذ سيجئ