قيل: المراد بالأنفال الغنائم، فالسؤال عن أحكام الغنيمة وكيفية قسمتها و إنها نزلت حين اختلف الناس في قسمتها وأن القاسم يكون [من] الأنصار أو المهاجر أي قل إن أمره إلى الله والرسول بأمر الله فيفعل ما يريد مما أمره الله تعالى به، و هو الأحكام المذكورة مفصلا في قسمة الغنائم في كتب الفروع، ويحتمل أن تكون ما هو المتعارف عند الفقهاء، وهو الأمر الزائد الذي هو خاصة النبي صلى الله عليه وآله والإمام بعده كما ورد به الرواية عن الباقر والصادق عليهما السلام (1) أو الذي يعينه عليه السلام للناس يقول: من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا، ثم أمر الله تعالى بالتقوى بقوله " فاتقوا الله " أي اتقوا الله في الاختلاف والتشاجر والمنازعة في قسمة الغنيمة بل مطلقا في جميع أوامر الله ونواهيه " وأصلحوا ذات بينكم " أي أصلحوا الحال التي بينكم بالمواساة، ومساعدة بعضكم بعضا فيما رزقكم، وبترك الخصومة والمنازعة بالصلح والمحبة والسداد وتسليم أمركم إلى الله والرسول " وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين " ولا تخرجوا عما أمرتم به فإن الايمان يقتضي ذلك.
وفيه مبالغة حيث يشعر بأن الخارج عن طاعة الله ورسوله ليس بمؤمن، بل تارك التقوى وإصلاح ذات البين أيضا كذلك ولا شك في ذلك مع الانكار والاستحلال بعد ثبوته، فدلت على قسمة الغنيمة التي منها الخمس على الأول، وتخصيص الأنفال به صلى الله عليه وآله على الثاني كما يقول به الأصحاب، وتعيين الأجر إليه صلى الله عليه وآله لمن يساعده في الحرب على الثالث، وعلى وجوب التقوى وإصلاح ذات البين مطلقا، وهذا قد يكون واجبا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا كان في خلافه ترك واجب، بأن ارتكب أحد الخصمين ذلك، وقد يكون مستحبا وهو مع عدم ذلك و خوف حصوله، ففيه ترغيب عظيم وحث بليغ في إصلاح الخلق، والمواساة والمساعدة كما دل عليه غير هذه الآية، والأخبار مشحونة بذلك بحيث لا يمكن الخروج عن عهدة ذلك إلا لمن وفقه الله تعالى من أوليائه وأحبائه.
ثم بالغ في التضرع والخشوع والخوف حتى أنه يفهم منه أن الايمان لم