بسياق آخر فذكر من طريق أبي معاوية ووكيع جميعا عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة كصدر حديث الباب لكن قال شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر والظاهر أن هذا حديث آخر أخرجه من هذا الوجه عن الأعمش فقال عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة المنان الذي لا يعطي شيئا الا منه والمنفق سلعته بالحلف الفاجر والمسبل إزاره وليس هذا الاختلاف على الأعمش فيه بقادح لأنها ثلاثة أحاديث عنده بثلاثة طرق ويجتمع من مجموع هذه الأحاديث تسع خصال ويحتمل أن تبلغ عشرا لان المنفق سلعته بالحلف الكاذب مغاير للذي حلف لقد أعطي بها كذا لان هذا خاص بمن يكذب في أخبار الشراء والذي قبله أعم منه فتكون خصلة أخرى قال النووي قيل معنى لا يكلمهم الله تكليم من رضى عنه بإظهار الرضا بل بكلام يدل على السخط وقيل المراد أنه يعرض عنهم وقيل لا يكلمهم كلاما يسرهم وقيل لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية ومعنى لا ينظر إليهم يعرض عنهم ومعنى نظره لعباده رحمته لهم ولطفه بهم ومعنى لا يزكيهم لا يطهرهم من الذنوب وقيل لا يثني عليهم والمراد بابن السبيل المسافر المحتاج إلى الماء لكن يستثنى منه الحربي والمرتد إذا أصرا على الكفر فلا يجب بذل الماء لهما وخص بعد العصر بالحلف لشرفه بسبب اجتماع ملائكة الليل والنهار وغير ذلك واما الذي بايع الامام بالصفة المذكورة فاستحقاقه هذا الوعيد لكونه غش امام المسلمين ومن لازم غش الامام غش الرعية لما فيه من التسبب إلى إثارة الفتنة ولا سيما إن كان ممن يتبع على ذلك انتهى ملخصا وقال الخطابي خص وقت العصر بتعظيم الاثم فيه وإن كانت اليمين الفاجرة محرمة في كل وقت لان الله عظم شأن هذا الوقت بأن جعل الملائكة تجتمع فيه وهو وقت ختام الأعمال والأمور بخواتيمها فغلظت العقوبة فيه لئلا يقدم عليها تجرؤا فان من تجرأ عليها فيه اعتادها في غيره وكان السلف يحلفون بعد العصر وجاء ذلك في الحديث أيضا وفي الحديث وعيد شديد في نكث البيعة والخروج على الامام لما في ذلك من تفرق الكلمة ولما في الوفاء من تحصين الفروج والأموال وحقن الدماء والأصل في مبايعة الامام ان يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فمن جعل مبايعته لمال يعطاه دون ملاحظة المقصود في الأصل فقد خسر خسرانا مبينا ودخل في الوعيد المذكور وحاق به ان لم يتجاوز الله عنه وفيه ان كل عمل لا يقصد به وجه الله وأريد به عرض الدنيا فهو فاسد وصاحبه آثم والله الموفق (قوله باب بيعة النساء) ذكر فيه أربعة أحاديث * الأول قوله رواه ابن عباس) كأنه يريد ما تقدم في العيدين من طريق الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس شهدت الفطر فذكر الحديث وفيه خرج النبي صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس بيده ثم اقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال فقال يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك الآية ثم قال حين فرغ منها أنتن على ذلك وقد تقدم فوائده هناك في تفسير الممتحنة * الحديث الثاني حديث عبادة بن الصامت في مبايعتهم النبي صلى الله عليه وسلم على مثل ما في هذه الآية وقد تقدم الكلام عليه في كتاب الايمان أوائل الكتاب ووقع في بعض طرقه عن عبادة قال أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اخذ على النساء ان لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني الحديث
(١٧٥)