قوله سيرة عمر فاني لا أطيقها ولا هو وفي هذا إشارة إلى أنه بايعه على أن يسير سيرة عمر فعاتبه على تركها ويمكن ان يأخذ من هذا ضعف رواية سفيان بن وكيع إذ لو كان استخلف بشرط ان يسير بسيرة عمر لم يكن ما أجاب به عذرا في الترك قال ابن التين وانما قال لعلي ذلك دون من سواه لان غيره لم يكن يطمع في الخلافة مع وجوده ووجود عثمان وسكوت من حضر من أهل الشورى والمهاجرين والأنصار وأمراء الأجناد دليل على تصديقهم عبد الرحمن فيما قال وعلى الرضا بعثمان (قلت) وقد أخرج ابن أبي شيبة من طريق حارثة بن مضرب قال حججت في خلافة عمر فلم أرهم يشكون أن الخليفة بعده عثمان وأخرج يعقوب بن شبة في مسنده من طريق صحيح إلى حذيفة قال قال لي عمر من ترى قومك يؤمرون بعدي قال قلت قد نظر الناس إلى عثمان وشهروه لها وأخرج البغوي في معجمه وخيثمة في فضائل الصحابة بسند صحيح عن حارثة بن مضرب حججت مع عمر فكان الحادي يحدو أن الأمير بعده عثمان بن عفان (قوله فقال) أي عبد الرحمن مخاطبا لعثمان (أبايعك على سنة الله وسنة رسوله والخليفتين من بعده فبايعه عبد الرحمن) في الكلام حذف تقديره فقال نعم فبايعه عبد الرحمن وأخرج الذهلي في الزهريات وابن عساكر في ترجمة عثمان من طريقه ثم من رواية عمران بن عبد العزيز عن محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري عن الزهري عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبيه قال كنت اعلم الناس بأمر الشورى لأني كنت رسول عبد الرحمن بن عوف فذكر القصة وفي آخره فقال هل أنت يا علي مبايعي ان وليتك هذا الامر على سنة الله وسنة رسوله وسنة الماضين قبل قال لا ولكن على طاقتي فأعادها ثلاثا فقال عثمان أنا يا أبا محمد أبايعك على ذلك قالها ثلاثا فقام عبد الرحمن وأعتم ولبس السيف فدخل المسجد ثم رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم أشار إلى عثمان فبايعه فعرفت أن خالي أشكل عليه أمرهما فأعطاه أحدهما وثيقة ومنعه الآخر إياها واستدل بهذه القصة الأخيرة على جواز تقليد المجتهد وان عثمان وعبد الرحمن كانا يريان ذلك بخلاف علي وأجاب من منعه وهم الجمهور بأن المراد بالسيرة ما يتعلق بالعدل ونحوه لا التقليد في الأحكام الشرعية وإذا فرعنا على جواز تجزئ الاجتهاد احتمل ان يراد بالاقتداء بهما فيما لم يظهر للتابع فيه الاجتهاد فيعمل بقولهما للضرورة قال الطبري لم يكن في أهل الاسلام أحد له من المنزلة في الدين والهجرة والسابقة والعقل والعلم والمعرفة بالسياسة ما للستة الذين جعل عمر الامر شورى بينهم فان قيل كان بعض هؤلاء الستة أفضل من بعض وكان رأي عمر أن الأحق بالخلافة أرضاهم دينا وانه لا تصح ولاية المفضول مع وجود الفاضل فالجواب أنه لو صرح بالأفضل منهم لكان قد نص على استخلافه وهو قصد ان لا يتقلد العهدة في ذلك فجعلها في ستة متقاربين في الفضل لأنه يتحقق أنهم لا يجتمعون على تولية المفضول ولا يألون المسلمين نصحا في النظر والشورى وان المفضول منهم لا يتقدم على الفاضل ولا يتكلم في منزلة وغيره أحق بها منه وعلم رضى الأمة بمن رضي به الستة ويؤخذ منه بطلان قول الرافضة وغيرهم ان النبي صلى الله عليه وسلم نص على أن الإمامة في اشخاص بأعيانهم إذ لو كان كذلك لما أطاعوا عمر في جعلها شورى ولقال قائل منهم ما وجه التشاور في أمر كفيناه ببيان الله لنا على لسان رسوله ففي رضا الجميع بما أمرهم به دليل على أن الذي كان عندهم من العهد في الإمامة أوصاف من وجدت فيه استحقها وادراكها يقع بالاجتهاد وفيه ان الجماعة
(١٧١)