والوصل وقيل الكلام الدال أوله على آخر وعكسه وهذا كله عن المتقدمين وعرف أهل المعاني والبيان البلاغة بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال والفصاحة وهي خلوه عن التعقيد وقالوا المراد بالمطابقة ما يحتاج إليه المتكلم بحسب تفاوت المقامات كالتأكيد وحذفه والحذف وعدمه والايجاز والاسهاب ونحو ذلك والله أعلم وفيه الرد على من حكم بما يقع في خاطره من غير استناد إلى أمر خارجي من بينة ونحوها واحتج بأن الشاهد المتصل به أقوى من المنفصل عنه ووجه الرد عليه كونه صلى الله عليه وسلم أعلى في ذلك من غيره مطلقا ومع ذلك فقد دل حديثه هذا على أنه انما يحكم بالظاهر في الأمور العامة فلو كان المدعي صحيحا لكان الرسول أحق بذلك فإنه اعلم أنه تجري الاحكام على ظاهرها ولو كان يمكن ان الله يطلعه على غيب كل قضية وسبب ذلك أن تشريع الاحكام واقع على يده فكأنه أراد تعليم غيره من الحكام أن يعتمدوا ذلك نعم لو شهدت البينة مثلا بخلاف ما يعلمه علما حسيا بمشاهدة أو سماع يقينيا أو ظنيا راجحا لم يجز له أن يحكم بما قامت به البينة ونقل بعضهم الاتفاق وان وقع الاختلاف في القضاء بالعلم كما تقدم في باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولايته القضاء وفي الحديث أيضا موعظة الامام الخصوم ليعتمدوا الحق والعمل بالنظر الراجح وبناء الحكم عليه وهو أمر اجماعي للحاكم والمفتي والله سبحانه وتعالى اعلم * (قوله باب الحكم في البئر ونحوها) ذكر فيه حديث عبد الله وهو ابن مسعود في نزول قوله تعالى ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا وفيه قول الأشعث في نزلت وفي رجل خاصمته في بئر وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الايمان والنذور قال ابن بطال هذا الحديث حجة في أن حكم الحاكم في الظاهر لا يحل الحرام ولا يبيح المحظور لأنه صلى الله عليه وسلم حذر أمته عقوبة من اقتطع من حق أخيه شيا بيمين فاجرة والآية المذكورة من أشد وعيد جاء في القرآن فيؤخذ من ذلك أن من تحيل على أخيه وتوصل إلى شئ من حقه بالباطل فإنه لا يحل له لشدة الاثم فيه قال ابن المنير وجه دخول هذه الترجمة في القصة مع أنه لا فرق بين البئر والدار والعبد حتى ترجم على البئر وحدها انه أراد الرد على من زعم أن الماء لا يملك فحقق بالترجمة أنه يملك لوقوع الحكم بين المتخاصمين فيها انتهى وفيه نظر من وجهين أحدهما انه لم يقتصر في الترجمة على البئر بل قال ونحوها والثاني لو اقتصر لم يكن في حجة على من منع بيع الماء لأنه يجوز بيع البئر ولا يدخل الماء وليس في الخبر تصريح بالماء فكيف يصبح الرد * (قوله باب) بالتنوين (القضاء في قليل المال وكثيره سواء) قال ابن المنير كأنه خشى غائلة التخصيص في الترجمة التي قبل هذه فترجم بأن القضاء عام في كل شئ قل أو جل ثم ذكر فيه حديث أم سلمة المذكور قبل بباب لقوله فيه فمن قضيت له بحق مسلم وهو يتناول القليل والكثير وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من قال إن للقاضي أن يستنيب بعض من يريد في بعض الأمور دون بعض بحسب قوة معرفته ونفاذ كلمته في ذلك وهو منقول عن بعض المالكية أو على من قال لا يجب اليمين الا في قدر معين من المال ولا تجب في الشئ التافه أو على من كان من القضاة لا يتعاطى الحكم في الشئ التافه بل إذا رفع إليه رده إلى نائبه مثلا قاله ابن المنير قال وهو نوع من الكبر والأول أليق بمراد البخاري (قوله وقال ابن عيينة) هو سفيان الهلالي (عن ابن شبرمة) هو عبد الله الضبي (القضاء في قليل المال وكثيره سواء) ولم يقع لي
(١٥٦)